كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

و الذي يدل على جهلكم الفاضح بقدر الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وبحقيقة النفس الانسانية، وكيف تفارق البدن عند الموت فتزول عنه الحياة ولا تعود إليه الا عند البعث، فمن كان هذا القدر من المعرفة هو مبلغ علمه فليستحي من نفسه وليلذ بالصمت والكتمان حتى لا يظهر للناس جهله فيكون كلامه مثارا للسخرية والازدراء من جميع العقلاء.
ولقد أبان اللّه أن رسوله ... ميت كما قد جاء في القرآن
أ فجاء أن اللّه باعثه لنا ... في القبر قبل قيامة الأبدان
أثلاث موتات تكون لرسله ... ولغيرهم من خلقه موتان
اذ عند نفخ الصور لا يبقى امرؤ ... في الأرض حيا قط بالبرهان
أ فهل يموت الرسل أم يبقوا اذا ... مات الورى أم هل لكم قولان
فتكلموا بالعلم لا الدعوى وجيب ... وا بالدليل فنحن ذو أذهان
أو لم يقل من قبلكم للرافعي الأ ... صوات حول القبر بالنكران
لا ترفعوا الأصوات حرمة عبده ... ميتا كحرمته لدى الحيوان
قد كان يمكنهم يقولوا أنه ... حي فغضوا الصوت بالاحسان
لكنهم باللّه أعلم منكم ... ورسوله وحقائق الايمان
ولقد أتوا الى العباس يست ... سقون من قحط وجدب زمان
هذا وبينهم وبين نبيهم ... عرض الجدار وحجرة النسوان
فنبيهم حي ويستسقون غ ... ير نبيهم حاشا أولي الايمان
الشرح:
ولقد أخبر اللّه في كتابه أن رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بشر يموت كما يموت البشر، قال تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر: 30] وقال: وما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [الأنبياء: 34] وقال:
وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ [آل عمران: 144].

الصفحة 8