كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان وفي الآفاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عند قوم ويحتمل أن يكون النزول في وقت والقول في وقت (نزل إلى السماء الدنيا) أي القربى وقد اختلف في معنى النزول فمنهم من أجراه على ما ورد مؤمناً به على طريق الإجمال منزهاً لله عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف وهذا معنى التفويض وهو أسلم وقال بعضهم النزول راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه والنزول كما يكون في الجسام يكون في المعاني فالمعنى ينزل أمره أو الملك بأمره أو هو استعارة بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم (فنادى هل من مستغفر) أي طالب للغفران منى فأغفر له (هل من تائب) أي نادم على ما صدر منه من الذنوب عازم على عدم العود فأتوب عليه (هل من سائل) فيعطى ما سأل (هل من داع) فاستجيب له (حتى ينفجر الفجر) قال المناوي وخص ما بعد الثلث أو النصف من الليل لأنه وقت التعرض لنفحات الرحمة وزمن عبادة المخلصين انتهى وفي الحديث أن الدعاء آخر الليل أفضل وكذا الاستغفار ويشهد له قوله تعالى والمستغفرين بالأسحار وأن الدعاء في ذلك الوقت مجاب ولا يعترض بتخلفه عن بعض الداعين لأن سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس أو لاستعجال الداعي أو يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم أو تحصل الإجابة ويتأخر حصول المطلوب لمصلحة العبد أو لأمر يريده الله تعالى (حم م) عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة معاَ

• (أن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان) أي ينزل أمره أو رحمته (إلى السماء الدنيا) قال المناوي أي ينتقل من مقتضى صفات الجلال المقتضية للقهر والانتقام من العصاة إلى مقتضى صفات الإكرام المقتضية للرأفة والرحمة وقبول المعذرة والتلطف والتعطف (فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب) قبيلة معروفة خصهم لأنه ليس في العرب أكثر غنماً منهم قال المناوي والمراد غفران الصغائر قال الترمذي لا يعرف إلا من حديث الحجاج بن أرطاه وسمعت محمداً يعني البخاري يضعف هذا الحديث (حم ت هـ) عن عائشة

• (أن الله تعالى ينزل) بضم أوله (على أهل هذا المسجد مسجد مكة) بالجر عطف بيان (في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة ستين للطائفين) بالكعبة (وأربعين للمصلين) بالمسجد الحرام (وعشرين للناظرين) إلى الكعبة (طب) والحاكم في الكنى (وابن عباس) وهو حديث ضعيف

• (أن الله تعالى ينزل المعونة على قد المؤنة) أي يعين الإنسان على قدر مايحتاج إليه من المؤنة بحسب حاله وما يناسبه (وينزل الصبر) على قدر البلاء فمن عظمت مصيبته أفيض عليه الصبر بقدرها وإلا لهلك أهلها (عد) وابن لال في المكارم عن أبي هريرة وهو حديث ضعيف

• (أن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) أي لأن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه والعظمة إنما هي لله وحده قال المناوي وهذا الحديث قد اختصره المؤلف ولفظ رواية الشيخين من

الصفحة 17