كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

حديث ابن عمر ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت انتهى والمشهور عند الشافعية والمالكية أن الحلف بغير الله تعالى كالنبي والكعبة وجبريل مكروه كراهة تنزيه والمشهور عند الحنابلة التحريم قال العلقمي فإن اعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله كفر وعلي يحمل خبر الحاكم من حلف بغير الله كفر وهذا إذا لم يسبق إليه لسانه أما إذا سبق إليه لسانه بلا قصد فلا كراهة بل هو من لغو اليمين فإن قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو بريء من الله أو من رسوله أو من الإسلام أو من الكعبة وأنا مستحل للخمر أو الميتة فليس بيمين لعرائه عن ذكر اسم الله أو صفته ثم أن قصد به تبعيد نفسه عن ذلك أو أطلق لم يكفر لكنه ارتكب محرماً أو صد الرضى بذلك أن فعله كفر في الحال فإن لم يكفر استحب له أن يأتي بالشهادتين وأن يستغفر الله تعالى ويستحب لكل من تكلم بكلام قبيح أن يستغفر الله تعالى وتجب التوبة من كل كلام محرم وسببه كما في البخاري عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه فقال ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالف فليحلف بالله أو ليصمت وفي رواية له أيضاً أن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فوالله حلفت بها منذ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ذاكراً ولا آثراً وقوله ذاكراً أي عامداً ولا آثراً أي حاكياً عن الغير ما حلفت بها ولا حكيت ذلك عن غيري كقوله أن فلاناً قال وحق أبي مثلاً (حم ق 3) عن ابن عمر بن الخطاب

• (أن الله تعالى يوصيكم بأمهاتكم) من النسب (ثلاثاً) أي كرره ثلاثاً لمزيد التأكيد (أن الله تعالى يوصيكم بآبائكم مرتين) أي كرره مرتين إشارة إلى تأكده وأنه دون حق الأم وسبب تقديم الأم في البر كثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها وحصول المشاق في حمله ثم وضعه ثم إرضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة أوساخه وتمريضه وغير ذلك (أن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب) من النسب قاله مرة واحدة إشارة إلى أنه دون ما قبله فيقدم في البر الأم ثم الأب ثم الأولاد ثم الأجداد والجدات ثم الإخوة والأخوات ثم سائر المحارم كالأعمام والعمات والخالات وقال بعض العلماء من وقر أباه طال عمره ومن وقر أمه رأى ما يسره (خده طب ك) عن المقدام بن معدي كرب بإسناد حسن

• (أن الله تعالى يوصيكم بالنساء خيرا) بأن تحسنوا معاشرتهن وتوفوهن ما يجب لهن (فإنهن أمهتكم وبناتكم وخالاتكم) يحتمل أن المراد أنهن مثلهن في الشفقة وغيرها (أن الرجل من أهل الكتاب يتزوج المرأة وما تعلق يداها الخيط) بفتح المثناة الفوقية وضم اللام أي لا يكون في يدها شيء من الدنيا حتى التافه جداً كالخيط والمراد أنها في غاية الفقر (فما يرغب واحد منهما عن صاحبه) أي حتى يموتا كما في رواية يعني أن أهل الكتاب يتزوج أحدهم المرأة الفقيرة جداً فيصبر عليها ولا يفارقها إلا بالموت فافعلوا ذلك ندباً إلا لعذر كان كانت سيئة الخلق فلا تكره مفارقتها

الصفحة 18