كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

وهو المصرح به في قوله فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر وبهذا يرتفع التعارض بين الحديثين وعالماً أو متعلماً قال المناوي بنصبهما عطفاً على ذكر الله ووقع الترمذي بلا ألف لا لكونهما مرفوعين لأن الاستثناء من نام موجب بل لأن عادة كثير من المحدثين إسقاط الألف من الخط (ت هـ) عن أبي هريرة قال الترمذي حسن غريب

• (أن الدين النصيحة) وهي كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح وقيل هي بذل الجهد في إصلاح المنصوح وقيل هي كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح أي هي عماد دين الإسلام وقوامه وقد قال العلماء أن هذا الحديث ربع الإسلام أي أحد أحاديث أربعة يدور عليها وقال النووي بل المدار عليه وحده كما قال العلماء النصيحة (لله) معناها الإيمان به ووصفه بما يجب له وتنزيهه عما لا يليق به وإتيان طاعته وترك معصيته وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه وجهاد من كفر به والاعتراف بنعمه والشكر عليها والإخلاص في جميع الأمور والدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة والتلطف بجميع الناس وهذه الأوصاف راجعة إلى العبد في نصحه نفسه فإن الله غني عن نصح الناصح (ولكتابه) أي بالإيمان به بأنه كلامه تعالى وتنزيله لا يشبه شيئاً من كلام الخلق ولا يقدر على مثله أحد وبتعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة والذب عنه عند تأويل المحرفين وطعن الطاعنين وبالتصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه والاعتبار بمواعظه والتفكر في عجائبه والعمل بمحكمه والتسليم لمتشابهه والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه ونشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرنا من نصيحته (ولرسوله) أي بالإيمان بجميع ما جاء به وطاعته في أمره ونهيه ونصرته حياً وميتاً وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه وإعظام حقه وتوقيره وإحياء طريقته وسنته ونفي التهمة عنها والتفهم في معانيها والدعاء إليها والتلطف في تعلمها وتعليمها وإجلالها والتأدب عند قراءتها والإمساك عن الكلام فيها بغير علم وإجلال أهلها لانتسابهم إليها والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه ومحبة أهل نبيه وأصحابه ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من أصحابه (ولأئمة المسلمين) أي بمعاونتهم على الحق وطاعتم فيه وأمرهم به وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنه من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم وتألف قلوب الناس لطاعتهم وأداء الصدقات لهم وأن يدعي لهم بالصلاح وهذا على أن المراد بالأئمة الولاة وقيل هم العلماء فنصيحتهم قبول ما رووه وتقليدهم في الأحكام وإحسان الظن بهم (وعامتهم) أي بإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم وكف الأذى عنهم وتعليمهم ما جهلوه وستر عوراتهم وسد خلاتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق والشفقة عليهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم والذب عن أموالهم وأعراضهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه وحثهم على التخلق بجميع ما ذكر

الصفحة 23