كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

السابق غير معتبر وإنما المعتبر الذي ختم به

• (أن الرجل ليعمل الزمن الطويل) أي مدة العمر وهو منصوب على الظرفية (بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار) أي يعمل عمل أهل النار في آخر عمره فيدخلها (وأن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة) أي يعمل عمل أهل الجنة في آخر عمره فيدخلها قال المناوي واقتصر على قسمين مع أن الأقسام أربعة فظهور حكم الآخرين من عمل بعمل أهل الجنة أو النار طول عمره (م) عن أبي هريرة

• (أن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله) بكسر الراء أي مما يرضيه ويحبه (ما يظن أن تبلغ ما بلغت) أي من رضاء الله بها عنه وكثرة الثواب الحاصل له (فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة) أي بقية عمره حتى يلقاه يوم القيامة فيقبض على الإسلام ولا يعذب في قبره ولا يهان في حشره (وأن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله) أي مما يغضبه (ما يظن أن تبلغ ما بلغت) أي من سخط الله عليه وترتب العقاب (فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة) بأن يختم له بالشقاوة ويعذب في قبره ويهان في حشره حتى يلقاه يوم القيامة فيورده النار فالحاصل أن اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه القويمة فإنه صغير جرمه وعظيم طاعته وجرمه إذ لا يتبين الكفر ولا الإيمان إلا بشهادة اللسان وهما غاية الطاعة والعصيان ولا ينجو العبد من شر اللسان إلا أن يلجمه بلجام الشرع فلا يطلقه إلا فيما ينفع في الدنيا والآخرة ويكفه عن كل شيء يخشى غائلته في عاجله وآجله وأعصى الأعضاء على الإنسان اللسان فإنه لا تعب في تحريكه ولا مؤنة في إطلاقه وقد تساهل الناس في الاحتراز عن آفاته وغوائله والحذر من مصائده وحبائله فإنه أعظم آلة للشيطان في استغواء الإنسان ولا يكب الناس في جهنم على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم (مالك حم ت ن هـ حب ك) عن بلال بن الحارث

• (أن الرجل ليوضع الطعام بين يديه) أي ليأكله أو يشربه (فما يرفع حتى يغفر له) أي الصغائر كما في نظائره وذكر الرفع غالبي والمراد فراغ الأكل قيل يا رسول الله وبم ذلك قال (يقول بسم الله إذا وضع والحمد لله إذا رفع) أي يغفر له بسبب التسمية عند إرادة الأكل وبالحمد عند الفراغ فيندب ذلك ندباً مؤكداً (الضياء المقدسي عن أنس) وهو حديث ضعيف

• (أن الرجل) يعني الإنسان ذكراً كان أو أنثى (ليحرم الرزق) بالبناء للمفعول أي يمنع من بعض النعم الدنيوية أو الأخروية (بالذنب يصيبه) أي بشؤم كسبه للذنب فإن قيل هذا يعارضه حديث أن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة أجيب بأنه لا تعارض لأن الحديث المعارض ضعيف وهذا صحيح والضعيف لا يعارض الصحيح أو المراد إذهاب بركة الرزق فكأنه حرمه (ولا يرد القدر) بالتحريك الشيء المقدر (إلا الدعاء) بمعنى تهوينه وتيسير الأمر فيه حتى يكون القضاء النازل كأنه لم ينزل وفي الحديث الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل أما نفعه مما نزل فصبره عليه ورضاه به ومما لم ينزل فهو أن يصرفه عنه أو يمده

الصفحة 26