كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

أخبر الله موسى صلوات الله وسلامه عليه بأن قومه اتخذوا العجل من بعده لم يلق الألواح فلما عاين ما فعلوا ألقاه (ابن سعد عن عليّ) أمير المؤمنين

• (أن الشمس والقمر نوران عقيران) أي معقوران (في النار) يعني يسلب الله نورهما يوم القيامة ويكونان فيها كالزمنين وإدخالهما النار ليس لتعذيبهما بل لأنهما كانا يعبدان في الدنيا وقد وع دالله الكفار بأن يحشرهم وما كانوا يعبدون فأدخلا فيها لذلك أو لأنهما خلقا منهما كما في خبر فردا إليها (الطيالسي) أبو داود (ع) عن أنس بن مالك رضي الله عنه

• (أن الشمس والقمر لا ينكسفان) قال المناوي بالكاف وفي رواية للبخاري بالخاء المعجمة (لموت أحد ولا لحياته) وهذا قاله يوم مات ابنه إبراهيم فكسفت الشمس فقالوا كسفت لموته فرد عليهم قال الخطابي كانوا في الجاهلية يقولون أن الكسوف يوجب حدوث تغيير في الأرض من موت أو ضرر فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتقاد باطل وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما واستشكل قوله ولا لحياته لأن السياق إنما ورد في حق من ظن أن ذلك لموت إبراهيم ولم يذكروا الحياة قال العلقمي والجواب أن ذكر فائدة الحياة دفع توهم من يقول لا يلزم من نفي كونه سبباً للفقد أن لا يكون سبباً للإيجاد فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم (ولكنهما آيتان من آيات الله) أي علامتان من آيات الله الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته (يخوف الله بهما عباده) أي بكسوفهما أي لخوف العبا من بأسه قال المناوي وكونه تخويفاً لا ينافي ما قرره علماء الهيئة في الكسوف لأن لله أفعالاً على حسب العادة وأفعالاً خارجة عنها وقدرته حاكمة على كل سبب انتهى وقال العلقمي رحمه الله تعالى وفي الحديث رد على من يزعم من أهل الهيئة أن الكسوف أمر عادي لا يتقدم ولا يتأخر إذ لو كان كما يقولون لم يكن في ذلك تخويف وقد رد ذلك عليهم ابن العربي وغير واحد من أهل العلم بما في حديث أبي موسى حيث قال فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة قالوا فلو كان الكسوف بالحساب لم يقع الفزع ولم يكن للأمر بالعتق والصدقة والذكر والصلاة معنى فإن ظاهر الأحاديث أن ذلك يفيد التخويف وأن كل ما ذكر من أنواع الطاعة يرجح أن يدفع به ما يخشى من أثر ذلك الكسوف ومما نفض به ابن العربي وغيره أنهم يزعمون أن الشمس لا تنكسف على الحقيقة وإنما يحول القمر بينها وبين الأرض عند اجتماعهما في العقدتين وقال هم يزعمون أن الشمس أضعاف القمر في الجرم فكيف حجب الصغير الكبير إذا قابله وقد وقع في حديث النعمان بن بشير وغيره للكسوف سبب آخر غير ما يزعمه أهل الهيئة وهو ما أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه ابن خزيمة والحاكم بلفظ أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله وأن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له وقال بعضهم الثابت من قواعد الشريعة أن الكسوف أثر الإرادة القديمة وفعل الفاعل المختار فيخلق في هذين

الصفحة 37