كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

الجرمين النور متى شاء والظلمة متى شاء من غير توقف على سبب أو ربط باقتران وقال ابن دقيق العيد وربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله يخوّف الله بهما عباده وليس بشيء لأن لله تعالى أفعالاً على حسب العادة وأفعالاً خارجة عن ذلك وقدرته حاكمة على كل سبب وله أن يقطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض وأن أثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إل أن يشاء الله خرقها وحاصله أن الذي يذكره أهل الحساب أن كان حقاً في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك تخويفاً لعباد الله تعالى (فإذا رأيتم ذلك) قال العلقمي وفي رواية فإذا رأيتموها أي الآية وفي رواية فإذا رأيتموهما بالتثنية والمعنى إذا رأيتم كسوف كل منهما لاستحالة وقوع ذلك منهما في حال واحدة عادة وإن كان ذلك جائزاً في القدرة الإلهية (فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) قال العلقمي استدل به على أنه لا وقت لصلاة الكسوف معين لأن الصلاة علقت برؤيته وهي ممكنة في كل وقت من النهار وبهذا قال الشافعي ومن تبعه واستثنى الحنفية أوقات الكراهة وهو مشهور مذهب حمد وعن المالكية وقتها من وقت حل النافلة إلى الزوال وفي رواية إلى صلاة العصر ورجح الأول بأن المقصود إيقاع هذه العبادة قبل الإنجلاء وقد اتفقوا على أنها لا تقضي بعد الانجلاء فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبل فيفوت المقصود والمراد بالصلاة الصلاة الخاصة بالكسوف وهي معلومة من كتب الفقه وفي الحديث إشارة إلى أن الالتجاء إلى الله عند المخاوف بالدعاء سبب لمحو ما فرط من العصيان يرجى به زوال المخاوف وأن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة والآجلة نسأل الله تعالى السلامة والعافية (خ ن) عن أبي بكرة (ق ن هـ) عن أبي مسعود البدري (ق ن) عن ابن عمر بن الخطاب (ق) عن المغيرة بن شعبة

• (أن الشمس والقمر إذا رأى أحدهما من عظمة الله تعالى شيئاً) قال المناوي نكره للتقليل أي شيئاً قليلاً جداً إذ لا يطيق مخلوق النظر إلى كثير منها (حاد عن مجراه) أي مال وعدل عن جهة جريه (فانكسف) أي لشدة ما يحصل له من صفة الجلال (ابن النجار عن أنس) بن مالك

• (أن الشهر) أي العربي الهلالي (يكون تسعة وعشرين يوماً) أي يكون كذلك كما يكون ثلاثين يوماً ومن ثم لو نذر نحو صوم شهر معين فكان تسعاً وعشرين لم يلزمه أكثر واللام في الشهر للعهد الذهني وسببه كما في البخاري عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف لا يدخل على بعض نسائه شهراً فلما مضى تسع وعشرون يوماً غدا عليهن وراح فقيل له يا نبي الله حلفت أن لا تدخل عليهن شهراً فذكره وقوله على بعض نسائه يشعر بأن اللاتي اقسم أن لا يدخل عليهن هن من وقع منهن ما وقع من سبب القسم لا جميع النسوة لكن اتفق أنه في تلك الحالة انفكت رجله فاستمر مقيماً في المشربة

الصفحة 38