كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

عنه كلها صحيحة وليس فيه ناسخ ولا منسوخ ولا تناقض بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قحافة والنهي لمن شمط أي لمن شيبه قليلاً انتهى ما قاله القاضي وقال غيره هو على حالين فمن كان في موضع عادة أهله الصبغ أو تركه فخروجه عن العادة شهرة ومكروه والثاني أن يختلف باختلاف نظافة الشيب فمن كانت شيبته نقية أحسن منها مصبوغة فالترك أولى ومن كانت شيبته تستبشع فالصبغ أولى وقال النووي الأصح الأوفق للسنة وهو مذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بحمرة أو صفرة ويحرم خضابه بالسواد أي لغير الجهاد وإما خضب اليدين والرجلين فلا يجوز للرجال إلا للتداوي (ق د ن هـ) عن أبي هريرة

• (أن آدم قبل أن يصيب الذئب) وهو أكله من الشجرة التي نهى عن الأكل منها (كان أجله بين عينيه) يعني كان دائماً متذكراً للموت (وأمله خلفه) أي لا يشاهده ولا يستحضره (فلما أصاب الذنب) أي وقع فيه بأكله من الشجرة (جعل الله تعالى أمله بين عينيه وأجله خلفه فلا يزال) أي الواحد من ذريته (يأمل حتى يموت) أي لا يفارقه الأمل إلى الموت ويشهد لهذا حديث يشيب المرء ويشب معه خصلتان الحرص وطول الأمل (ابن عساكر عن الحسن مرسلاً) وهو البصري رضي الله عنه

• (أن آدم خلق من ثلاث تربات) بضم المثناة الفوقية وسكون الراء جمع تربة بمعنى التراب (سوداء وبيضاء وحمراء) بالجر بدل من تربات فمن ثم جاءت بنوه كذلك (ابن سعد عن أبي ذر الغفاري

• (أن أبخل الناس) أي من أبخلهم (من ذكرت عنده فلم يصل عليّ) أي لم يطلب لي من الله تعالى رحمة مقرونة بتعظيم لأنه بترك الصلاة عليّ أحرم نفسه من الثواب العظيم لما ورد أن من صلى علي صلاة واحدة كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها (الحارث بن أبي أسامة عن عوف بن مالك) وإسناده ضعيف

• (أن أبخل الناس من بخل بالسلام) أي بابتدائه أورده لأنه لفظ قليل لا كلفة فيه وأجره جزيل فمن بخل به مع كونه لا كلفة فيه فهو أبخل الناس (وأعجز الناس من عجز عن الدعاء) أي الطلب من الله فمن ترك الطلب مع احتياجه إليه وعدم المشقة عليه فيه بعد أن سمع قول الله تعالى أدعوني استجب لكم فهو أعجز الناس (ع) عن أبي هريرة

• (أن أبر البر) أي الإحسان أي من أبره كما في رواية (أن يصل الرجل) أي الإنسان (أهل ودّ أبيه) بضم الواو بمعنى المودة أي من بينه وبين أبيه مودة كصديق وزوجة (بعد أن يولي الأب) بتشديد اللام المكسورة أي بعد موته فيندب صلة أصدقاء الأب والإحسان إليهم وإكرامهم بعد موته كما هو مندوب قبل لأن من بر الأبوين قبل الموت إكرام صديقهما والإحسان إليه ويلحق بالأب أصدقاء الزوجة من النساء والمحارم والمشايخ أي مشايخ الإنسان فإنهم في معنى الآباء بل أعظم حرمة (حم خدم د ت) عن ابن عمر بن الخطاب

• (أن إبراهيم حرم بيت الله) الكعبة وما حولها من الحرم (وأمّنه) بتشديد الميم يعني

الصفحة 66