كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

أظهر حرمته وصيره مأمناً بأمر الله تعالى فإسناد التحريم إليه من حيث التبليغ والإظهار فلا يعارض ما في مسلم من حديث ابن عباس أن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض الحديث وحرم مكة من طريق المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق والطائف على سبعة ومن طريق الجعرانة على تسعة ومن طريق جدة على عشرة كما قال بعضهم:
وللحرم التحديد من أرض طيبة

• ثلاثة أميال إذا رمت اتقانه
وسبعة أميال عراق وطائف

• وجدة عشر ثم تسع جعرانه
وزاد الدميري فقال:
ومن يمن سبع وكرر لها اهتدى

• فلم يعد سبل الحل إذ جاء تبيانه
(وأني حرمت المدينة) النبوية (ما بين لابتيها) تثنية لابة وهي الحرة والحرة أرض ذات حجارة سود وللمدينة لابتان شرقية وغربية وهي بينهما فحرمها ما بينهما عرضا وما بين جبليها طولاً وهي عير وثور (لا يقلع عضاهها) بكسر العين المهملة وتخفيف الضاد المعجمة كل شجر فيه شوك أي لا يقطع شجرها (ولا يصاد صيدها) وفي رواية لأبي داود ولا ينفر صيدها أي لا يزعج فإتلافه من باب أولى فيحرم قطع أشجارها والتعرض لصيدها ولا ضمان لأن حرمها ليس محلاً للنسك ولهذا يجوز للكافر أن يدخله قال شيخ الإسلام زكريا لأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أدخل الكفار مسجده وكان ذلك بعد نزول سورة براءة (م) عن جابر

• (أن إبراهيم ابني) قال المناوي نزل المخاطبين العارفين بأنه ابنه منزلة المنكر الجاهل تلويحاً بأن ابن ذلك النبي الهادي جنس منه فلذلك تميز على غير ما ذكر (وأنه مات في الثدي) قال العلقمي أي في سن رضاع الثدي أو في حال تغذيه بلبن الثدي انتهى قال المناوي وهو ابن ستة عشر أو ثانية عشر شهراً (وأن له ظئرين) بكسر الظاء المعجمة مهموز أي مرضعتين من الحور قال في المصباح الظئر بهمزة ساكنة ويجوز تخفيفها الناقة تعطف على غير ولدها ومنه قيل للمرأة الأجنبية بحضن ولد غيرها ظئر وللرجل الحاضن كذلك (يكملان رضاعه في الجنة) أي يتممانه سنتين لكونه مات قبل تمامهما قال العلقمي قال شيخنا قال صاحب التحرير هذا الإتمام لإرضاع إبراهيم عليه السلام يكون عقب موته فيدخل الجنة متصلاً بموته فيتم بها رضاعه كرامة له ولأبيه صلى الله عليه وسلم قلت ظاهر هذا الكلام أنها خصوصية لإبراهيم وقد أخرج ابن أبي الدنيا من حديث ابن عمر مرفوعاً كل مولود يولد في الإسلام فهو في الجنة شبعان ريان يقول يا رب اردد عليّ أبويّ واخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم في تفسيره عن خالد بن معدان قال أن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى كلها ضروع فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى وحاضنهم إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبيد بن عمير قال أن في الجنة لشجرة لها ضروع

الصفحة 67