كتاب السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (اسم الجزء: 2)

العلقمي بفتح الكاف والنون بعدها فاء أي جانبه والكنف أيضاً الستر وهو المراد هنا والأول مجاز في حق الله تعالى كما يقال فلان في كنف فلان أي حمايته وكلاءته أي حفظه والمعنى أن تحيط به عنايته التامة (ويستره من الناس) أي أهل الموقف صيانة له عن الخزي والفضيحة (ويقرره بذنوبه) قال المناوي أي يعجله مقراً بها بأن يظهرها له ويلجئه إلى الإقرار بها (فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول) أي المؤمن (نعم أي رب) أي يا رب أعرف ذلك وهكذا كلما ذكر له ذنباً أقر به (حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك) أي باستحقاقه العذاب لإقراره بذنوب لا يجد لها مدفعاً (قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) قال المناوي وهذا في عبد مؤمن ستر على الناس عيوبهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم (ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه) بالبناء للمفعول (وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد) أي أهل المحشر لأنه يشهد بعضهم على بعض (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) إشارة إلى الكافرين والمنافقين وبه رد على المعتزلة المانعين مغفرة ذنوب أهل الكبائر (حم ق ن هـ) عن ابن عمر بن الخطاب

• (أن الله يرضى لكم ثلاثاً) من الخصال (ويكره لكم ثلاثاً) أي يأمركم بثلاث وينهاكم عن ثلاث قال العلقمي قال شيخنا قال العلماء الرضى والسخط والكراهة من الله تعالى المراد بها أمره ونهيه أو ثوابه وعقابه (فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً) أي في عبادته فهذه خصلة واحدة (وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً) أي القرآن قال العلقمي هو التمسك بعهده واتباع كتابه انتهى وهذه هي الخصلة الثانية (ولا تفرقوا) بحذف إحدى التاءين للتخفيف قال المناوي وذا نفي عطف على واعتصموا أي لا تختلفوا في ذلك الاعتصام كما اختلف أهل الكتاب (وان تنصاحوا) بضم المثناة الفوقية (من ولاه الله أمركم) أي من جعله والي أموركم وهو الإمام الأعظم ونوّابه قال المناوي وأراد بمناصحتهم الدعاء لهم وترك مخالفتهم والدعاء عليهم ونحو ذلك انتهى وقال العلقمي قال في النهاية النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة يجمع معناه غيرها والنصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتذكرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنه من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم وتألف قلوب الناس لطاعتهم والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات لهم وان لا يطروا بالثناء الكاذب وأن يدعى لهم بالصلاح هذا إن كان المراد بالأئمة الولاة وقيل فنصيحتهم قبول ما رووه وتقليدهم في الأحكام وإحسان الخلق لهم (ويكره لكم قيل وقال) أي المقاولة والخوض في أخبار الناس (وكثرة السؤال) أي الإكثار من السؤال عما لم يقع ولا تدعو إليه الحاجة وقيل المراد سؤال الناس أموالهم وقيل المراد بالسؤال عن أخبار الناس (وإضاعة المال) قال العلقمي هو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف وسبب النهي

الصفحة 9