كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (اسم الجزء: 2)

فَتَزَوَّجَتْ حِينَ رَأَتْ الدَّمَ أَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَيْضِ عِتْقَ عَبْدٍ فَجَنَى الْعَبْدُ أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَمِرَّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهَا وَيُعْتَبَرُ فِي الْعَبْدِ جِنَايَةُ الْأَحْرَارِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفِي إنْ حِضْت حَيْضَةً يَقَعُ حِينَ تَطْهُرُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَهَا إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ تَطْلُقُ إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا وَذَلِكَ بِالِانْقِطَاعِ عَلَى الْعَشْرِ أَوْ بِمُضِيِّ الْعَشَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ أَوْ بِالِانْقِطَاعِ وَالِاغْتِسَالِ أَوْ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ الِاغْتِسَالِ إذَا انْقَطَعَ دُونَ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ اسْمٌ لِلْكَامِلِ مِنْ الْحَيْضِ، وَلِهَذَا حُمِلَ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَلَا الْحَبَالَى حَتَّى يُسْتَبْرَأْنَ بِحَيْضَةٍ»، وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلْكَامِلِ وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا حِضْت لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْجِنْسِ وَهُوَ الْحَيْضُ
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ إنْ صُمْت أَوْ إنْ صُمْت صَوْمًا أَوْ إنْ صَلَّيْت أَوْ إنْ صَلَّيْت صَلَاةً وَعَنْ هَذَا قَالُوا فِيمَنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ بِدْعِيًّا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَعْدَ مَا طَهُرَتْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ حِضْت. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفِي إنْ وَلَدْت وَلَدًا ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا وَلَمْ يُدْرَ الْأَوَّلُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَضَاءً وَثِنْتَيْنِ تَنَزُّهًا وَمَضَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا إنْ وَلَدْت غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً وَلَمْ يُدْرَ الْأَوَّلُ تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ قَضَاءً وَفِي الِاحْتِيَاطِ ثِنْتَانِ تَنَزُّهًا وَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ يَمِينَانِ فَأَيَّهُمَا وَلَدَتْ أَوَّلًا يَحْنَثُ بِهِ وَيَقَعُ جَزَاؤُهُ فَتَكُونُ مُعْتَدَّةً وَانْقِضَاؤُهَا بِوَضْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِهِ فَإِذَا وَضَعَتْ الثَّانِيَ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ الْأُخْرَى بِهِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُقَارِنَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ
ثُمَّ إنْ كَانَ الْغُلَامُ أَوَّلًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ آخِرًا فَثِنْتَانِ فَالْوَاحِدَةُ مُتَيَقَّنٌ بِهَا فَتَلْزَمُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ بِالشَّكِّ وَالتَّنَزُّهُ أَنْ يَقَعَ ثِنْتَانِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِمَا بِتَقَدُّمِ الْجَارِيَةِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهُمَا وَاحِدَةً غَيْرَهَا أَوْ كَانَتْ أَمَةً لَا يَرُدُّهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْجَارِيَةِ وِلَادَةً وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ بِيَقِينٍ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا أَيَّهُمَا الْأَوَّلَ وَإِنْ عَلِمَا الْأَوَّلَ مِنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQطَالِقٌ إذَا طَهُرْت لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَيْضِ عِتْقُ عَبْدٍ إلَى آخِرِهِ) بِأَنْ قَالَ إنْ حِضْت فَعَبْدِي حُرٌّ اهـ. (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْعَبْدِ جِنَايَةُ الْأَحْرَارِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا تُحْتَسَبُ هَذِهِ الْحَيْضَةُ مِنْ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ حَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ كَانَ الشَّرْطُ رُؤْيَةَ الدَّمِ لَزِمَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ بَعْضِهَا اهـ. .

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ اسْمٌ لِلْكَامِلِ مِنْ الْحَيْضِ) وَكَمَالُهَا بِانْتِهَائِهَا وَذَلِكَ بِالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَنْتَهِي بِضِدِّهِ. اهـ. كَافِي وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ إلَى آخِرِهِ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّ الْفَعْلَةَ لِلْمَرَّةِ وَالْمَرَّةُ مِنْ الْحَيْضِ لَا تَكُونُ إلَّا بِكَمَالِهِ وَكَمَالُهُ بِانْتِهَائِهِ وَانْتِهَاؤُهُ بِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ حِضْت إذْ لَيْسَ ثَمَّةَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ فَيَحْكُمُ بِالْوُقُوعِ مِنْ أَوَّلِ الْحَيْضِ لَكِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ الدَّمُ حَيْضًا بِاسْتِمْرَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالُوا لَا يَكُونُ الْحَيْضُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ إنْ حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ مَحْسُوبًا مِنْ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ، وَلِهَذَا حَمَلَ عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّ الْحَيْضَةَ هِيَ الشَّيْءُ الْكَامِلُ أَوْ الدَّمُ الْكَامِلُ مِنْ الْحَيْضَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ إنْ صُمْت)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهُ بِمِعْيَارٍ إذْ لَمْ يَقُلْ إذَا صُمْت يَوْمًا أَوْ شَهْرًا فَيَتَعَلَّقُ بِمَا يُسَمَّى صَوْمًا فِي الشَّرْعِ وَقَدْ وُجِدَ الصَّوْمُ بِرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ بِإِمْسَاكِ سَاعَةٍ بِهِ وَإِنْ قَطَعَتْهُ، وَكَذَا إذَا صُمْت فِي يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ كَمَالَهُ. اهـ. كَمَالٌ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى وَنَظِيرُهُ إلَخْ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذِهِ مِنْ خَوَاصِّ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ صُمْت يَوْمًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إذَا صَامَتْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ طَلُقَتْ وَذَلِكَ أَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ يَمْتَدُّ يُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَالصَّوْمُ مُمْتَدٌّ وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي آخِرِ فَصْلٍ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ صُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَشَرَعَتْ فِي الصَّوْمِ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِيهِ لِوُجُودِ رُكْنِ الصَّوْمِ وَشَرْطِهِ أَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ الثَّلَاثِ نَهَارًا. وَأَمَّا شَرْطُهُ فَهُوَ النِّيَّةُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ انْتِهَاؤُهُ. وَقَوْلُهُ إذَا صُمْت يَوْمًا نَظِيرُ قَوْلِهِ إنْ حِضْت حَيْضَةً.
وَقَوْلُهُ إذَا صُمْت نَظِيرَ قَوْلِهِ إنْ حِضْت اهـ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَظِيرُ إذَا صُمْت يَوْمًا إذَا صُمْت صَوْمًا لَا يَقَعُ إلَّا بِتَمَامِ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمِعْيَارٍ وَفِي إذَا صَلَّيْت صَلَاةً يَقَعُ بِرَكْعَتَيْنِ وَفِي إذَا صَلَّيْت يَقَعُ بِرَكْعَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ إنْ صُمْت يَوْمًا) الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي إذَا صُمْت يَوْمًا اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ حِضْت) فَإِنَّهُ يَكُونُ بِدْعِيًّا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ. .

(قَوْلُهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَضَاءً وَثِنْتَيْنِ تَنَزُّهًا) قَالَ الْكَمَالُ وَمَا عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ مَعًا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ وِلَادَتَهُمَا مَعًا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْرِ الْأَوَّلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ لَيْلًا اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الِاحْتِيَاطِ ثِنْتَانِ تَنَزُّهًا) قَالَ الْعَلَّامَةُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقَالُ تَنَزَّهَ الْقَوْمُ إذَا بَعُدُوا مِنْ الرِّيفِ إلَى الْبَدْوِ فَأَمَّا النُّزْهَةُ فِي كَلَامِ الْعَامَّةِ فَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا؛ لِأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ النُّزْهَةَ حُضُورُ الْأَرْيَافِ وَالْمِيَاهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا التَّبَاعُدُ عَنْ السُّوءِ وَعَنْ مَظَانِّ الْحُرْمَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُقَارِنَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ)؛ لِأَنَّهُ حَالَ الزَّوَالِ وَالْمُزِيلُ لَا يَعْمَلُ حِينَ الزَّوَالِ. اهـ. كَافِي. (قَوْلُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ بِالشَّكِّ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَا رَجْعَةَ وَلَا تَوَارُثَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِوَضْعِ الثَّانِي مِنْهَا فَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَالْإِرْثُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْجَارِيَةِ وِلَادَةً وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ بِيَقِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا

الصفحة 238