كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (اسم الجزء: 2)

فَلَا تَصِحُّ، وَهَذَا لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ فَوَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهَا فَإِذَا أَخْبَرَتْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ الِانْقِضَاءِ وَأَقْرَبُ أَحْوَالِهِ حَالَ قَوْلِ الزَّوْجِ رَاجَعْتُك فَتَكُونُ مُقَارِنَةً لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَتْ ثُمَّ أَخْبَرَتْ بِالِانْقِضَاءِ؛ لِأَنَّ أَقْرَبَ الْأَحْوَالِ فِيهَا حَالُ السَّكْتَةِ فَيُضَافُ إلَيْهِ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ لَوْ كَانَ الِانْقِضَاءُ ثَابِتًا وَالتَّأْخِيرُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ فَتَكُونُ مُتَّهَمَةً بِالْإِخْبَارِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ عَزَلْتُك فَقَالَ الْوَكِيلُ بِعْته مِنْ فُلَانٍ حَيْثُ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مُقَارِنًا لِعَزْلِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَا يُصَدَّقُ وَمَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ عَلَى الْخِلَافِ فَلَا يَقَعُ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ لِإِقْرَارِهِ بِالْوُقُوعِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت طَلَّقْتُك فِي الْعِدَّةِ وَلَا يُقَالُ كَانَ قَوْلُهَا يَقْتَضِي سَبْقَ الِانْقِضَاءِ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا يَقْتَضِي سَبْقَ الرَّجْعَةِ فَلَا يَكُونُ مُقَارِنًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ رَاجَعْتُك إنْشَاءٌ وَهُوَ إثْبَاتُ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ الرَّجْعَةِ وَقَوْلُهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ وَهُوَ إظْهَارُ أَمْرٍ قَدْ كَانَ فَيَقْتَضِي سَبْقَ الِانْقِضَاءِ ضَرُورَةً وَتَسْتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ أَنَّ الْيَمِينَ فَائِدَتُهَا النُّكُولُ وَهُوَ بَذْلٌ عِنْدَهُ وَبَذْلُ الِامْتِنَاعِ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالِاحْتِبَاسِ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ فَإِنَّ بَذْلَهَا لَا يَجُوزُ فِيهَا ثُمَّ إذَا نَكَلَتْ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْعِدَّةِ لِنُكُولِهَا ضَرُورَةً بِمَنْزِلَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ بِنَاءً عَلَى شَهَادَتِهَا بِالْوِلَادَةِ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ رَاجَعْت فِيهَا فَصَدَّقَهُ سَيِّدُهَا وَكَذَّبَتْهُ أَوْ قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي وَأَنْكَرَا فَالْقَوْلُ لَهَا) أَيْ لَوْ قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا فِي الْعِدَّةِ فَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا وَكَذَّبَتْهُ الْأَمَةُ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَقَالَتْ انْقَضَتْ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى انْقِضَاءَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مِلْكُهُ وَهُوَ خَالِصُ حَقِّهِ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ فَيُصَدَّقُ كَإِقْرَارِهِ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ وَهِيَ تُنْكِرُ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَوْلَى كَإِنْشَاءِ النِّكَاحِ وَلَهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ تُبْتَنَى عَلَى قِيَامِ الْعِدَّةِ وَالْقَوْلُ فِي الْعِدَّةِ قَوْلُهَا فَكَذَا فِيمَا يَبْتَنِي عَلَيْهَا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْبُضْعَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ بَلْ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَالْإِنْشَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ ثَابِتٌ عِنْدَ التَّصَرُّفِ فَيَنْفُذُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى وَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ إجْمَاعًا فِي الصَّحِيحِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّهَا مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ فِي الْحَالِ فَظَهَرَ مِلْكُ الْمَوْلَى فِي الْبُضْعِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي إبْطَالِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِالتَّصْدِيقِ فِي الرَّجْعَةِ مُقِرٌّ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ عِنْدَهَا وَلَا يَظْهَرُ مِلْكُهُ مَعَ الْعِدَّةِ، وَقِيلَ هِيَ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ مَا حَتَّى يَتَّفِقَ الْمَوْلَى وَالْأَمَةُ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِحَالِهَا وَهِيَ أَمِينَةٌ فِيهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ دُونَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجِ، وَلِهَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنِّي حَائِضٌ فِي حَقِّ حُرْمَةِ الْوَطْءِ عَلَيْهِمَا وَفِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَنْقَطِعُ إنْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ الْآخَرِ لِعَشَرَةٍ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ وَلِأَقَلَّ لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ) أَيْ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَا تَنْقَطِعُ حَتَّى تَغْتَسِلَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا مَزِيدَ لَهُ عَلَى الْعَشَرَةِ فَبِتَمَامِهَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ طَهُرَتْ أَوْ لَمْ تَطْهُرْ وَإِنَّمَا شُرِطَتْ الطَّهَارَةُ فِيهِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ طَهُرَتْ لِتَمَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ الِانْقِضَاءِ) أَيْ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ) هَكَذَا مَشَى عَلَيْهِ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ صَحَّتْ عَلَى قَوْلِهِمَا فَعَلَامَ تَحْلِفُ وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ الْيَمِينِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَقْطَعُ فِي شَرْحِهِ وَالْأَتْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ الْيَمِينِ نَصَّ عَلَيْهِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ أَبِي نَصْرٍ وَخُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَفَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ؛ لِأَنَّهَا بِنُكُولِهَا تَبْذُلُ الِامْتِنَاعَ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَصِحُّ بَذْلُهُ وَأَوْرَدَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ سُؤَالًا وَجَوَابًا فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ إذَا نَكَلَتْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ وَالرَّجْعَةُ لَا يَصِحُّ بَذْلُهَا قِيلَ الرَّجْعَةُ لَا تَثْبُتُ بِنُكُولِهَا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِنُكُولِهَا الْعِدَّةُ وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ لَا بِبَذْلِهَا كَمَا نَقُولُ إنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِالْوِلَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِشَهَادَتِهَا ثُمَّ إنَّمَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ صَرَّحَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَتُسْتَحْلَفُ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهَا كَانَتْ مُنْقَضِيَةً حَالَ إخْبَارِهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تُسْتَحْلَفْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا فِي الْعِدَّةِ. اهـ. كَمَالٌ. .

(قَوْلُهُ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ وَقَوْلُ زُفَرَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ بُضْعِهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى، وَالزَّوْجُ مُتَّهَمٌ فِي الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهَا مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ فَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِلَا تَصْدِيقِ الْمَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ) يَعْنِي أَنَّ الْغَالِبَ فِيمَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا الِاغْتِسَالُ عَادَةً اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا تَقْدِيرٌ ثَانٍ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُغَايِرٌ لِمَا قَدَّمَهُ وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي يَكُونُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِعَشَرَةٍ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لِتَمَامِ عَشَرَةٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ عَلَى هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِطَهُرَتْ وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لَيْسَ فِيهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ بِعَشَرَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ بِالِانْقِطَاعِ وَذَلِكَ الْمَحْذُوفُ مُتَعَلِّقٌ بِطَهُرَتْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي

الصفحة 253