كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (اسم الجزء: 2)

مَعْصِيَةٌ وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى بِأَنْ الْتَزَمَتْهَا أَوْ سَكَنَتْ مِلْكَهَا صَحَّ مَشْرُوطًا فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا ثُمَّ جُمْلَةُ الْخُلْعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَإِمَّا أَنْ لَا يُسَمِّيَا شَيْئًا أَوْ سَمَّيَا الْمَهْرَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ مَالًا آخَرَ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَصَارَتْ سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ حَقِّ الْآخَرِ مِمَّا لَزِمَهُ بِالنِّكَاحِ فِي الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْهُ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ أَيْضًا وَإِنْ سَمَّيَا الْمَهْرَ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِهِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ بِالشَّرْطِ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْأَلْفِ الْمَقْبُوضِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ اسْمٌ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّهُ بِالشَّرْطِ وَخَمْسُمِائَةٍ أُخْرَى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْ مَا لَا تَسْتَحِقُّ فَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا إلَّا خَمْسُمِائَةٍ بِالشَّرْطِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ آخَرَ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا سَمَّيَا بَعْضَ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ اسْتِحْسَانًا عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ مِنْ قَرِيبٍ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَفِي الْقِيَاسِ يَسْقُطُ عَنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا أَلْفًا بِالشَّرْطِ وَهِيَ تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا بِقَدْرِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالزَّائِدِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَهْرَ اسْمٌ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ فَيَجِبُ لَهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ لَهُ مِثْلُهُ عَلَيْهَا بِالشَّرْطِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا وَإِنْ سَمَّيَا بَعْضَ الْمَهْرِ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى عُشْرِ مَهْرِهَا مَثَلًا وَالْمَهْرُ أَلْفٌ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالشَّرْطِ وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ مِائَةً بِالشَّرْطِ وَالْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ فَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِسِتِّمِائَةٍ مِائَةٌ مِنْهَا بَدَلُ الْخُلْعِ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُشْرُ مَهْرِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِمَا ذَكَرْنَا وَبَرِئَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ الْبَاقِي بِحُكْمِ لَفْظِ الْخُلْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّهُ عَنْهُ اسْتِحْسَانًا الْعُشْرُ بِالشَّرْطِ وَالنِّصْفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ وَإِنْ سَمَّيَا مَالًا آخَرَ غَيْرَ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَكَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ بِحُكْمِ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى وَيَسْلَمُ لَهَا مَا قَبَضَتْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ بِحُكْمِ الْخُلْعِ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ خَلَعَ صَغِيرَتَهُ بِمَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا) أَيْ لَوْ خَلَعَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِمَالِهَا لَا يَنْفُذُ عَلَيْهَا أَمَّا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْمَالِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى مَالِهَا كَالتَّبَرُّعِ بِهِ لِكَوْنِهِ مُقَابَلًا بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا مُتَقَوِّمٍ وَهُوَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ لِزَوْجِهَا شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ بُضْعِهَا وَالْأَبُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ بِمَالِهَا. وَأَمَّا فِي حَقِّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَبُولِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا لَمْ يَضْمَنْ بَدَلَ الْخُلْعِ كَانَ هَذَا خُلْعًا مَعَ الْبِنْتِ كَأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا كَالْكَبِيرَةِ إذَا خَالَعَ عَنْهَا الْأَجْنَبِيُّ وَالثَّانِيَ أَنَّهُ لَمْ يَنْفُذْ عَلَيْهَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْمَالِ فَقَطْ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَبُولِ الْأَبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِقَبُولِ الْأَبِ فَيَكُونُ كَتَعْلِيقِهِ بِسَائِرِ أَفْعَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَالِ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخُلْعَ بِالْخَمْرِ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُوجِبُ شَيْئًا. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ طَلُقَتْ وَالْأَلْفُ عَلَيْهِ) أَيْ لَوْ خَالَعَهَا الْأَبُ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِبَدَلِ الْخُلْعِ جَازَ وَلَزِمَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُ الْمَرْأَةِ. اهـ. وَقَالَ أَيْضًا وَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَالسُّكْنَى تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَكَانَ لَهَا السُّكْنَى وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِمَالٍ وَلَمْ تَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى بِأَنْ قَالَتْ أَنَا أَكْتَرِي بَيْتًا وَأَعْتَدُّ فِيهِ كَانَ لَهَا أَنْ تَكْتَرِيَ بَيْتًا وَتَعْتَدَّ فِيهِ وَإِنْ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي بَيْتٍ بِكِرَاءٍ كَانَ الْكِرَاءُ عَلَى زَوْجِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْخُلْعِ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ فَلَهَا السُّكْنَى وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ السُّكْنَى عَلَى الْمَرْأَةِ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْإِحْدَادِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا فَإِنَّ مُؤْنَةَ السُّكْنَى تَسْقُطُ عَنْهُ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَكْتَرِيَ بَيْتَ الزَّوْجِ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا وَطَلُقَتْ) طَلُقَتْ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي نَسْخِ الْمَتْنِ اهـ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَتْنِ وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الشَّارِحِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا إلَخْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفْصِحُ بِذَلِكَ اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ طَلُقَتْ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ الْخُلْعِ رَجُلٌ خَلَعَ ابْنَتَهُ مِنْ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ

الصفحة 273