(تمنّى كتابَ الله أولَ ليلِهِ ... تمنِّيَ داودَ الزَّبورَ على رِسْلِ)
والمعنى الثالث: تمنَّى: كَذَب، ووضع حديثاً لا أصل له. قال الفراء: قال رجل لابن دَأْبٍ (68) ، وهو يحدِّث: (أهذا شيءٌ رويتَهُ أم شيءٌ تَمَنَّيْتَهُ؟) (69) ، فمعناه: افتعلته، لا أصل له. وقال الله جل وعلا: {لا يعلمونَ الكتابَ إلاّ أمانيَّ} (70) ، أراد: إلا أَنّهم يتمنّون على الله الباطل. ويقال: الأماني، معناها: التلاوة. ويقال: هي الأحاديث المفتعلة الموضوعة.
وفي " الأماني " لغتان، يقال: هي الأمانيّ، بالتشديد، وهي الأماني، بالتخفيف. قال كعب بن زهير (71) :
(فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ ... إنّ الأمانيَّ والأحلامَ تضليلُ)
وقال جرير (72) :
(تراغيتمُ يومَ الزبير كأّنكم ... ضِباعٌ بذي قارٍ تَمنَّى الأمانِيا)
665 - وقولهم: قد أَشْكَلَ عليَّ الأمرُ
(73) (161)
قال أبو بكر: معناه: قد اختلط بغيره. والأشكل عند العرب: اللونان المختلطان. / قال الشاعر (74) : 179 / أ
(فما زالتِ القتلى تمورُ دماؤها ... بدجلةَ حتى ماءُ دجلةَ أَشْكَلُ)
والشُكْلة: حمرة تخالط بياض العين، فإذا خالطت السواد فهي شُهْلَة (75) .
__________
(68) عيسى بن يزيد، روى عنه ابن سلام في الطبقات، أو لعله: محمد بن داب، بفتح الدال بعدها ألف، وهو من رواة الحديث. (ينظر: تهذيب التهذيب 9 / 153، خلاصة تذهيب الكمال 2 / 401) .
(69) النهاية 4 / 367.
(70) البقرة 78.
(71) ديوانه 9.
(72) أخل به ديوانه.
(73) التهذيب 10 / 22، واللسان (شكل) .
(74) جرير. ديوانه 143. وقد سلف 1 / 564.
(75) غريب الحديث 3 / 27 - 28.