كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 2)

عن أبي الدرداء - أحسبه وقع (182) الشك في الحديث - قال: (ما طلعتِ الشمسُ قَطُّ إلاّ وبجنبتيها ملكان يناديان وإنهما ليُسمِعان مَنْ على الأرض، إلاّ الثقلين: يا أيُّها الناس هلموا إلى ربكم، فإنّ ما قلَّ وكفى خيرٌ حما كَثُرَ وألهى، وما غَرِبتِ الشمس قط إلا وبجنبتيها ملكان يناديان، [و] إنهما ليسمعان من على الأرض، إلا الثقلين: اللهم عَجَّلْ / لُمنفِقٍ خَلفاً، وعجَّل لِمُمْسِكٍ 228 / ب تلفاً) (183) .
قال الله عز وجل: {وأخرجتِ الأرضُ أثقالَها} (184) ، فمعناه: ما (333) فيها من كنوز الذهب والفضة، وخرج الموتى بعد ذلك، ومن أشراط الساعة أن تلقي الأرض أفلاذ كبدها، أي: ما فيها من الكنوز، فشُبّه ذلك بقطع الكبد، إذ كانت الكبد يشتمل عليها البطن.
وواحد الأثقال: ثِقل، وثَقل، وواحد الأفلاذ: فِلْذ، وفلذ. والفلذ: قطعة من الكبد. يقال: أطعمني فِلْذاً، وفِلْذةً، وحُزَّةً من الكبد، وحِذْيةً من اللحم، وهي قطعة صغيرة، وفِلْعة من السنام، وشطبة وسائغة بمنزلة الحِذْية من اللحم.
وكانت العرب تقول للفارس الشجاع: ثِقْلٌ على الأرض، فإذا قُتل أو مات، سقط بذلك عنها ثِقْل. قال الشمردل بن شريك (185) يرثي أخاه أُبَيّاً:
(وحَلَّتْ به أثقالَها الأرضُ وانتهى ... لمثواه منها وهو عفٌّ شمائلُهْ)
وقالت الخنساء (186) ترثي أخاها صخراً:
(أَبَعْدَ ابن عمروِ من آلِ الشريْدِ ... حَلَّت به الأرضُ أثقالَها)
أي: لما كان شجاعاً سقط بموته عنها ثقل. ويقال: معناه: زيَّنت به موتاها، من الحِلية، والحُلي.
__________
(182) من ل، وفي الأصل: دفعه.
(183) غريب الحديث 1 / 217.
(184) الزلزلة 2.
(185) شعره: 305 وعجزه فيه: بمثواه منها وهو عف مأكله.
(186) ديوانها 73.

الصفحة 321