كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 2)

(362)
فضم " وراء " للعلل التي وصفناها. وقال الآخر:
(يُنجى به من فوقُ فوقُ وماؤُهُ ... من تحتُ تحتُ سَريِّهِ يتغلغلُ) (57)
وقال الآخر:
(لو أنَّ قومي لم يكونوا أَعِزَّةً ... لَبَعْدُ لقد لاقيتُ لا بُدَّ مَصْرَعا) (58)
ومن العرب من يقول (59) : " للهِ الأمرُُ من قبلِ ومن بعدِ "، قال الشاعر:
(ومن قبل نادى كلُّ مولى قرابةٍ ... لقد عَطَفَتْ مولىً علينا العواطفُ) (60)
فمن أخذ بهذه اللغة، قال: أما بعدَ، فقد كان كذا وكذا، فيفتح الدال بناء على فتحها في الإضافة.
ومنهم من يقول: لله الأمر قبلاً وبعداً، " ولله الأمر من قبلٍ ومن بعدٍ ". فمن أخذ بهذين الوجهين قال: أمّا بعداً، فقد كان كذا وكذا.
ومنهم من يقول: أمّا بعدٌ فقد كان كذا وكذا، بالضم والتنوين، وهو وجه شاذٌ، والذي قبله أحسن منه. أنشدنا أبو العباس:
(فساغ لي الشرابُ وكنتُ قبلاً ... أكادُ أَغَصُّ بالماءِ الحمِيمِ) (61)
وأنشدنا أبو العباس أيضاً:
(ما مِن أُناسٍ بينَ مِصْرَ وعالجٍ ... فأَبْيَنَ إلاّ قد تركنا لهم وِتْرا)
(ونحنُ قتلنا الأَزْدَ أَزْدَ شَنوءةٍ ... فما شربوا بَعْدٌ على لَذَّةِ خَمْراً) (62)
__________
(57) لم أقف عليه.
(58) معاني القرآن 2 / 30 بلا عزو.
(59) ينظر إعراب القرآن، للنحاس 2 / 579 - 280، وتفسير القرطبي 14 / 7.
(60) بلا عزو في أوضح المسالك 3 / 154 وشرح ابن عقيل 2 / 72 والمقاصد 3 / 334 وشرح الجرجاوي 165 وفيها جميعا: فما عطفت.
(61) يزيد بن الصعق أو عبد الله بن يعرب. (شرح التصريح على التوضيح 2 / 550 الخزانة 1 / 204 و 3 / 135) . وهو بلا عزو في معاني القرآن 2 / 320، 321 وفي رواية: بالماء الفرات.
(62) البيتان في إيضاح الوقف والابتداء 4 و 3 عن الفراء، وفي المذكر والمؤنث 472، والثاني وحده في معاني القرآن 2 / 321 وقال الفراء ثم " أنشدني بعض بني عقيل، وهو في إصلاح المنطق 146 عن أبي الفتح عن أبي زيد، وفي شرح القصائد السبع 456. وجاء في أوضح المسالك 3 / 158، وشذور الذهب 105 برواية: بعداً.
وانفردت ل بعد هذا البيت بزيادة هي: [قال لنا أبو بكر: وكذلك رفعوا المنادى المفرد فقالوا: يا زيد أقبل، فضموه لأنه تضمّن معنيين: معناه في نفسه، ومعنى ما كان مضافاً إليه لأن أصله: يا زيداه، فحمّل أثقل الحركات لذلك] .

الصفحة 350