كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 2)

من ذلك حديث النبي: (أنَّ العَرَكيَّ سأله فقال: يا رسول الله، إنا نركب أَرْماثاً لنا في البحر) (116) . فالأرماث، جمع: الرمث، والعركي: الصيّاد، صياد السمك، وجمعه: عَرَك، وجمع " العَرَك ": العُرُوك.
من ذلك حديثه أنه كتب على بعض اليهود، أو على بعض نصارى نجران: (وعليهم رُبْعُ المِغْزَلِ، ورُبْعُ ما صادته عُرُوكُهُم) (117) .
أراد: ربع ما يغزله النساء، وربع ما يصيده الصيادون. وقال زهير (118) :
(يَغْشَى الحُداةُ بهم حُرَّ الكثيبِ كما ... يُغْشِي السفائنَ موجَ اللُّجَّةِ العَرَكُ)
ورواه أبو عبيدة:
(...... ...... ... كما ... يَغْشَى السفائنَ موجُ اللجةِ العَرِكُ)
فالعرك: المتلاطم الذي يدفع بعضه بعضاً. وأنشدنا أبو العباس لأبي ذؤيب (119) يصف الدُّرَّة:
(فجاءَ بها ما شئت من لَطمِيَّة ... يدومُ الفراتُ فوقَها ويموجُ)
أراد بيدوم: يسكن، والفرات: العذب.
وقال ابن قتيبة: أخطأ أبو ذؤيب في هذا البيت، لأن الدرة لا تخرج من العذب، إنما تخرج من الملح. وقال: هذا البيت في الغَلَطِ كقول الآخر (120) :
(مِثل النصارى قَتَلُوا المسيحا ... )
وما ادعى أحد قطُّ أن النصارى قتلوا المسيح. (374)
وقول أبي ذؤيب عندنا صواب، واعتراض ابن قتيبة عليه خطأ، لأن الدرة لما
__________
(116) النهاية 3 / 261.
(117) النهاية 3 / 222
(118) ديوان 167.
(119) ديوان الهذليين 1 / 57. وينظر شرح القصائد السبع 72. واللطمية نسبة إلى اللطمية وهي السوق التي تباع فيها العطريات.
انظر الشعر والشعراء 657 - 658، إلا أن ابن قتيبة لم يقل ذلك من عند نفسه وإنما ذكر أن هذا مما أخذ على أبي ذؤيب. وأصل هذه المقالة من كلام الأصمعي، ينظر شرح أشعار الهذليين 135. وقد قال ابن قتيبة عقب ذكره ذلك:: ويروى: " تدوم البحار " في هذه الرواية نفي الغلط عنه ".
(120) المعاني الكبير 879، وتأويل مشكل القرآن 155 (الطبعة الأولى) والوساطة 473، واللسان (مسح) .

الصفحة 361