الأرض، للثقة بقوتها وصلابتها، وأنها ليست كالجذاع والصغار التي يُطلب لها الرخاوةُ من الأرضِ، لضَعْفِها وصِغَرِها، وأنّها لا تثبت ثباتَ المُذَكِّيات.
وبعضهم يقول: جَرْيُ المُذكيات غِلاْءٌ. فالغِلاء، جمع: غَلْوة، وهي مدى الرَّمْية (141) . قال الشاعر في " الذكاء " الذي معناه: تمام الفطنة:
(شهم الفؤادِ ذكاؤه ما مِثْلُهُ ... عند العزيمةِ في الأَنامِ ذَكاءُ) (142) 242 / أ
/ وقال زهير (143) في الذكاء الذي معناه: تمام السِّنِّ:
(ويفضلها إذا اجتهدَتْ عليه ... تمام السِّنِّ منه والذَكاءُ)
والذكاء (144) ، في هذين المعنيين، ممدود. والذكا (145) : تمام اتقاد النار، مقصور، يكتب بالألف. قال الشاعر:
(وتُضْرِمُ في القلبِ اضطراماً كأنَّه ... ذكا النارِ تَزْفيه الرياحُ النوافحُ) (146)
ويقال: مِسك ذَكِيٌّ، ومِسكٌ ذَكِيَّةٌُ. فالذي يُذكِّر يقول: المسك مُذكَّر، والذي يؤنث يقول: ذهبت إلى الرائحة. أنشدنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء (147) :
(لقد عاجلتني بالسِّبابِ وثوبُها ... جديدٌ ومن أثوابِها المسكُ تَنْفَحُ)
وقال: أراد رائحة المسك.
وأخبرني أبي - رحمه الله - قال: حدثنا أبو هفّان المهزمي قال: المِسك والعَنْبَر يُذكّران ويؤنثان. قال: وأنشدنا في التأنيث:
(والمسكُ والعنبرُ خيرُ طِيبِ ... ) (379)
(أُخِذَتا بالثمن الرغيبِ ... ) (148)
__________
(141) في أخبار الأذكياء 11 نقلا عن ابن الأنباري: الرقعة.
(142) بلا عزو في المقصور والممدود للقالي 307 وأخبار الأذكياء 11.
(143) ديوانه 69.
(144، 145) المقصور والممدود لابن ولاد 50.
(146) بلا عزو في المقصور والممدود للقالي 94 وأخبار الأذكياء 11. وتزفيه: ترفعه.
(147) المذكر والمؤنث للفراء 97، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري 210، والمخصص 17 / 25. والبيت لجران العود في ديوانه 40.
(148) بلا عزو في المذكر والمؤنث لابن الأنباري 212 والمخصص 17 / 25.