كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 2)

839 - وقولهم: اتباعُ الهوى يُرْدِي
(280) (401)
قال أبو بكر: قال اللغويون: الهوى: محبة الإنسان الشيء، وغلبته على قلبه. قال الله تعالى: {ونَهَى النفسَ عن الهوى} (281) ، معناه: ونهى النفس عن شهواتها، وما تدعو إليه من معاصي الله عز وجل.
ومتى تُكلم بالهوى مطلقاً، لم يكن إلا مذموماً، حتى يُنعت بما يخرج معناه، كقولهم: هوىً حَسَنٌ، وهوىً موافق للصواب.
قال الأصمعي: قيل لبعض العرب: إذا أشكل على الرجل أمران، لا يدري أيُّهما أرشد، فأيّهما يتبع؟ قال: ليخالف أقربهما من هواه، فإن أكثر ما يكون الخطأ باتباع الهوى.
وقال الشاعر: أنشدناه أبو العباس عن أبي العالية:
(ولن أَرِدَ الماءَ الذي بجنوبِهِ ... هوايَ إذا مَلَّ السُّرى كُلُّ وارِدِ) (282)
وقال بعض أهل العلم (283) : إنما سمي الهوى هوىً، لأنه يهوي بصاحيه في النار، أي: [يرمي به] . يقال: هوى الرجل يهوي: إذا وقع من فوق إلى أسفل، وأهويته أهويه: إذا ألقيته إلى أسفل، وهوى الدَّلْو يهوِي هَوِيّاً (284) ، من النزول، من الارتفاع إلى التَّسفُّل. قال زهير (285) :
(فشَجَّ بها الأماعِزَ وهي تهوِي ... هُوِيَّ الدَّلْوِ أسلمها الرِشاءُ)
وقال ذو الرمة: (286)
(كأنَّ هُوِيَّ الدَّلْو في البئر شَلُّهُ ... بذاتِ الصَّوى آلافَهُ وانشِلالُها)
__________
(280) اللسان (هوا) .
(281) النازعات 40.
(282) لنبهان العبشمي في الكامل 48 مع خلاف في الرواية.
(283) هو الشعبي في ذم الهوى 12.
(284) هويا بفتح الهاء أو ضمها. (ينظر اللسان: هوا) .
(285) ديوانه 67. وشبح: علا. واسلمها: خذلها.
(286) ديوانه 529. وشله آلافه: طرده آلافه. والصوى: الأعلام، الواحدة صوة. وانشلالها: انطراد الحمر.

الصفحة 388