كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس (اسم الجزء: 2)

(وبلدةٍ ليسَ بها أنيسُ ... )
(إلا اليعافُير وإلاّ العيسُ ... ) (307)
معناه: إلا ان بها يعافيرَ وعيساً. فاستثناهما، وليس فيهما ما يؤنس به، للعلة المتقدمة.
وقال بعضهم: ما رخص الله تعالى في " اللمم " بل هو معطوف على الكبائر، و " إلا " معناها " الواو "، والتقدير: يجتنبون كبائر الإِثم، والفواحش، (405) واللمم. فنابت " إلا " عن " الواو ". واحتجوا بقول الشاعر (308) :
(وكلُّ أَخٍ مفارقُهُ أخوه ... لَعَمْرُ أَبِيكَ إلاّ الفَرْقَدانِ)
(وكلُّ قرينةٍ قُرِنَتْ بأُخْرَى ... وإنْ ضَنَّتْ بها ستَفَرَّقانِ)
أراد: والفرقدان.
وقال الفراء (309) : معناه يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، إلا المُتقارِب من صغير الذنوب. وحُكِي عن بعض العرب: ضَرَبَهُ ما لَمَمَ القتل، أي: ضربة ضربا متقاربً (310) للقتل. وأنكر أن يكون " إلا " بمعنى " الواو " (311) ، لأنه لم يتقدمها استثناء، ولم تدع ضرورة إلى نقلها عن المعنى المشهور إلى غيره.
وقال غير الفراء في قول الشاعر: إلا الفرقدان: هو استثناء صحيح، لا يراد به: والفرقدان. واحتجو بأن الشاعر قال هذا على مبلغ علمه، وحسب معرفته. وقد كان يظن، لجهله، أن الفرقدين لا يفترقان، فبنى شعره على ذلك. الدليل على ذلك (312) قول زهير (313) :
__________
(307) بلا عزو في الكتاب 1 / 123، ومعاني القرآن 1 / 479، و 2 / 15 و 3 / 273، وهما من رجز نسبه البغدادي في الخزانة 4 / 197، إلى جران العود، وهو في ديوانه 52 وفيه: بسابسا ليس به أنيس.
(308) عمرو بن معد يكرب، الأول في ديوانه 18 (بغداد) 167 (دمشق) . وأخلت الطبعتان بالثاني.
(309) معاني القرآن 3 / 100.
(310) من ل وهي مطابقة لرواية الفراء، وفي الأصل: مقاربا.
(311) لم يشر الفراء إلى ذلك في المعاني.
(312) ك: على هذا.

الصفحة 392