كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 2)

عاش بمصر في أُولَيات القرن العشرين، وأنه صاحب هذه الكتب المختلفة التي نسبوها إليه ونحلوه إياها، ولكن ما اطّلعت عليه ممّا يُعزى له يحملني على التردّد بين رأيين: أحدهما أن يكون هناك أناس كثيرون يَتَسَمّون باسم طه حسين، وثانيهما أن يكون هذا اسماً استعاره فرد أو عدة أفراد لِما كتبوه ونشروه. ذلك أنه -على ما روي- أزهريّ النشأة، والأزهر هذا جامعة إسلامية كبرى يلبس طلابها الجبّة والقفطان والعمامة، وأنه كان في صدر أيامه يكتب في صحيفة يومية اسمها «الجريدة»، ولكني راجعت مجموعة هذه الجريدة في دار الكتب فألفيت أحد أدباء ذلك العصر واسمه عبد الرحمن شكري يسمّيه طه أفندي حسين. فهل طه أفندي حسين هو عين الشيخ طه حسين؟ ولا شك أن شكري يعرف طه حسين فقد كانت بينهما ملاحاة، يدلّ على ذلك قصيدة نشرتها «الجريدة» بإمضاء طه حسين مطلعها:
قُلْ لشكري فقدْ غلا وتمادى ... بعضُ ما أنت فيهِ يَشفي الفؤادا
وممّا يضاعف الشكّ في أنهما شخص واحد أن الشعر لم يكن من أدوات الشيخ طه حسين. ويُعزى إلى طه حسين (ولا أدري أيهما؟) مقال، بل عدة مقالات يدعو فيها إلى تغيير الهجاء ورسم الكلمات، فهل كان الداعي لهذا والمُلِحّ فيه الشيخ طه أو طه أفندي؟ أمّا الشيخ طه فكان -على ما يقولون- مكفوف البصر، وكان في ذلك الوقت طالباً بالأزهر، ومن المعلوم أن طلبة الأزهر كانوا من المحافظين ومن أشد الناس استنكاراً للبدع. زِدْ على ذلك أنه ضرير، وما اهتمام الضرير برسم الكلمات؟ ...

الصفحة 394