كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 2)

فالأرجح أن هناك شخصين اسم كل منهما طه حسين: أفندي مبصر وشيخ ضرير. والآن من هو الدكتور طه حسين صاحب «حديث الأربعاء»: أهو الشيخ أم الأفندي، أم شخص ثالث؟
* * *
ويمضي المازني في المقالة على هذا السَّنن، ويقارن بين أسلوب الشيخ طه حسين في كتابه «ذكرى أبي العلاء» وينقل عنه قوله: كان أبو العلاء يحرص أشدّ الحرص على أن يُخفي نفسه على القارئ، ولكن شخصه يأبى إلاّ الظهور، وكان يلقي بينه وبين القارئ أستاراً صَفيقة من غريب اللفظ وحُجُباً كثيفة من ثقيل السجع ويُقيم حوله أسواراً منيعة من المباحث اللغوية، ولكن عواطفه الحادّة تأبى إلاّ أن تخترق هذه الموانع كافة لتصل إلى قلب القارئ، إلخ. وهو أسلوب لاشذوذ فيه كما ترى، ولكن اقرأ الآن الفقرة الآتية من كلام «الدكتور» طه حسين في نفس الموضوع أو المعنى، قال: ذلك أن أبا العلاء كان -كما تعلم- من أشد الناس إيثاراً للغريب وتهالكاً عليه، ثم كان أبو العلاء إلى هذا (فيما أعتقد أنا) يتكلّف الغريب ويتعمّده ليصدّ عامة الناس وجُهّالهم، سواء في ذلك العلماء وغير العلماء، عن قراءته والظهور على ما فيه، إلخ.
ومقالة المازني هذه طريفة، يستطيع من شاء من القراء الرجوع إليها والإطّلاع عليها.
* * *

الصفحة 395