كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 2)

مشهورين: نجيب الريحاني (من الموصل)، جورج أبيض، أنور وجدي (من دمشق)، وقبلهم أبو خليل القبّاني (من دمشق) وسعاد محمد وفايزة وبديعة، وبنات الخطاط حسني البابا الدمشقي: نجاة وسعاد وغيرهن. فما أحبّ أن أكون داعية للمغنيات، وإن ذكرت مَن ذكرت فللتاريخ لا لتمجيدهنّ ولا ليكنّ قدوة يُقتدى بهنّ.
* * *
وكان الحدث الذي عرّف مصر بأدباء الأقطار العربية وزادهم معرفة بأدبائها هو إنشاء مجلّة «الرسالة». ولقد كتب كثيرون عن الرسالة، ولكن لم يُكتب بعدُ التاريخ المرجوّ لها. وتحت يدي كتاب عن «الزيات والرسالة» أهداه إليّ الأستاذ الرفاعي وهو الذي نشره، فيه الكثير ولكن الذي فات مؤلّفَه أكثر. ولست ألومه فقد بذل فيه جهده وأودعه كل ما بلغته يده، ولكنه وُلد بعد إنشاء الرسالة بثلاث سنوات كما كتب على غلاف كتابه، ولما أُغلقت كان يدرس في المدرسة مع الطلاب، ولو أنه مشى معها (مثلي) طريقَها كله، وكتب فيها طول عمرها، وتسلم الإشراف عليها شهوراً طويلة من سنة 1947، وعرف كتّابها وشهد معاركها، لكان كتابه عنها أجمل وأجمع. وله مع ذلك الشكر والتقدير.
عرفت الزيات قبل الرسالة فيمن عرفت من أدباء مصر، قراءة لهم لا لقاء بهم. ولما صدر كتابه في تاريخ الأدب كنّا في سنة البكالوريا فقرأناه وفضلناه على «الوسيط»، وقرأت له «آلام فرتر» و «رافائيل»، وبلغ إعجابي بهما وحبي لهما الغاية لأني كنت في طَراءة الشباب وتيقّظ العاطفة وتفتّح النفس، وطربت لأسلوبهما

الصفحة 398