كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 3)

الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) [المائدة: ٦].
قال الطبري: اختلف القراء، في قراءة قوله تعالى (وأرجلكم) فقرأه جماعة من قراء الحجاز والعراق: (وأرجلكم) نصبًا، فتأويله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم.
ثم قال: وقرأ آخرون من قراء الحجاز والعراق: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) بخفض الأرجل (¬١).
وقال ابن الجوزي: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر عن عاصم بكسر اللام عطفًا على مسح الرأس (¬٢).
وجه الشاهد من الآية:
على قراءة كسر: (وأرجلكم) تأولها بعضهم أن فيها إشارة للمسح على الخفين.
قال القرطبي: قيل: إن الخفض في الرجلين إنما جاء مقيدًا لمسحهما لكن إذا كان عليهما خفان، وتلقينا هذا القيد من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يصح عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خفان، فبين صلى الله عليه وسلم بفعله الحال التي تغسل فيه الرجل، والحال التي تمسح فيه، وهذا حسن (¬٣).
قلت: ولا يمكن أن يفهم من قراءة الجر جواز مسح القدم، ولو كانت مكشوفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمسح قدميه قط، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (ويل للأعقاب من النار) (¬٤).
وقال ابن العربي: وطريق النظر البديع أن القراءتين محتملتان، وأن اللغة تقضي بأنهما جائزتان، فردهما الصحابة إلى الرأس مسحًا، فلما قطع بنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم
---------------
(¬١) تفسير الطبري (٦/ ١٢٦).
(¬٢) زاد المسير (٢/ ٣٠١).
(¬٣) تفسير القرطبي (٦/ ٩٣).
(¬٤) سبق تخريجه في المقدمة.

الصفحة 18