كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 3)

الأول: ضعف الحديث لأن في إسناده اختلافاً، وقد ناقشت هذا في التخريج.
قال أبو حفص الموصلي: قد ورد: " يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد، لا يريحون رائحة الجنة، ولا يصح في هذا الباب شيء غير قوله في حق أبي قحافة: " وجنبوه السواد " والجواب عنه من وجهين: ثم ذكرهما (¬١).
الجواب الثاني:
أن الوعيد الشديد ليس على الصبغ بالسواد، وإنما هو على معصية أخرى لم تذكر، كما قال الحافظ ابن أبي عاصم في كتاب الخضاب له (¬٢)، وابن الجوزي كما سيأتي عنه، ويدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد، وقد عرفت وجود طائفة قد خضبوا بالسواد في أول الزمان وبعده من الصحابة والتابعين وغيرهم رضي الله عنهم، فظهر أن الوعيد المذكور ليس على الخضاب بالسواد؛ إذ لو كان الوعيد على الخضب بالسواد لم يكن لذكر قوله في آخر الزمان فائدة، فالاستدلال بهذا الحديث على كراهة الخضب بالسواد ليس بصحيح.
قلت: قد يكون فائدة ذكر آخر الزمان أنه يكثر فيه، وينتشر، بخلاف ما وجد في العصر الأول، فإن الصبغ من آحادهم، وعلى كل حال هذا تأويل للنص والذي ينبغي على طالب العلم أن يترك تأويل النصوص وحملها على خلاف الظاهر، وإذا كنا نعيب على أهل البدع تأويل نصوص الصفات،
---------------
(¬١) جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب (ص: ٤٧٧).
(¬٢) ذكره عنه ابن حجر في الفتح (١٠/ ٣٥٤).

الصفحة 441