كتاب سبل السلام (اسم الجزء: 2)

(956) - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ فِي اللَّيْلِ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَطْرُقَ النِّسَاءَ لَيْلًا فَطَرَقَ رَجُلَانِ كِلَاهُمَا فَوَجَدَ - يُرِيدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ امْرَأَتِهِ مَا يَكْرَهُ» ، وَأَخْرَجَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ أَتَى امْرَأَتَهُ لَيْلًا، وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ تَمْشُطُهَا فَظَنَّهَا رَجُلًا فَأَشَارَ إلَيْهَا بِالسَّيْفِ فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا» ، وَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الْبُعْدِ عَنْ تَتَبُّعِ عَوْرَاتِ الْأَهْلِ، وَالْحَثُّ عَلَى مَا يَجْلِبُ التَّوَدُّدَ وَالتَّحَابَّ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَعَدَمَ التَّعَرُّضِ لِمَا يُوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ بِالْأَهْلِ، وَبِغَيْرِهِمْ أَوْلَى.
وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِحْدَادَ وَنَحْوَهُ مِمَّا تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا مَحْبُوبٌ لِلشَّرْعِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ

[إفْشَاءِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مِنْ أُمُورِ الْوَقَاعِ]
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ» مِنْ أَفْضَى الرَّجُلُ إلَى الْمَرْأَةِ جَامَعَهَا أَوْ خَلَا بِهَا جَامِع أَوْ لَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ «وَتُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» أَيْ وَتَنْشُرُ سِرَّهُ (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ) إلَّا أَنَّهُ بِلَفْظِ «إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ» " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَهْلُ النَّحْوِ يَقُولُونَ لَا يَجُوزُ أَشَرُّ وَأَخْيَرُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَشَرٌّ مِنْهُ قَالَ: وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا، وَهِيَ حُجَّةٌ فِي جَوَازِهِمَا جَمِيعًا، وَأَنَّهُمَا لُغَتَانِ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ إفْشَاءِ الرَّجُلِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مِنْ أُمُورِ الْوَقَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ، وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَةِ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ الْوِقَاعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ فَذِكْرُهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُرُوءَةِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» فَإِنْ دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ، بِأَنْ كَانَ يُنْكِرُ إعْرَاضَهُ عَنْهَا أَوْ تَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنْ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي لَأَفْعَلُهُ أَنَا وَهَذِهِ» ، وَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ «أَعَرَّسْتُمْ اللَّيْلَةَ» ، وَقَالَ لِجَابِرٍ «الْكَيْسَ الْكَيْسَ» وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَا يَجُوزُ لَهَا إفْشَاءُ سِرِّهِ، وَقَدْ وَرَدَ بِهِ نَصٌّ أَيْضًا.

الصفحة 206