كتاب سبل السلام (اسم الجزء: 2)

(966) - عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُنَّ» فَقَوْلُهَا فَيَدْنُو يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلْوِقَاعِ إلَّا أَنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ مِنْ غَيْرِ وِقَاعٍ فَهُوَ لَا يَتِمُّ مَأْخَذًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ» ، وَلَا يَتِمُّ أَنْ يُرَادَ بِاللَّيْلَةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ كَمَا قَالَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَّسِعُ ذَلِكَ الْوَقْتُ سِيَّمَا مَعَ الِانْتِظَارِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ لِفِعْلِ ذَلِكَ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ مُجَرَّدُ اسْتِبْعَادٍ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ اتِّسَاعُهُ لِذَلِكَ فَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ أَوْ لِأَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةً فِي ذَلِكَ لَمْ يُعْطَهَا غَيْرُهُ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ عَلَيْهِ لِنِسَائِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51]- الْآيَةَ، وَذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ، وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِرِضَاءِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ، وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِعْلَهُ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْقَسْمِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقِسْمَةَ، وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِ الْقَسْمِ، وَقَوْلُهُ «وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ» فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «وَهُنَّ إحْدَى عَشْرَةَ» ، وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ " تِسْعُ " نَظَرًا إلَى الزَّوْجَاتِ اللَّاتِي اجْتَمَعْنَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ تِسْعٍ، وَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ تِسْعٍ كَمَا قَالَ أَنَسٌ أَخْرَجَهُ الضِّيَاءُ عَنْهُ فِي الْمُخْتَارَةِ، وَمَنْ قَالَ إحْدَى عَشْرَةَ أَدْخَلَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ، وَرَيْحَانَةَ فِيهِنَّ، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِمَا لَفْظَ نِسَائِهِ تَغْلِيبًا. وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَكْمَلَ الرِّجَالِ فِي الرُّجُولِيَّةِ حَيْثُ كَانَ لَهُ هَذِهِ الْقُوَّةُ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ كَانَ لَهُ قُوَّةُ ثَلَاثِينَ رَجُلًا» ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ «قُوَّةُ أَرْبَعِينَ» ، وَمِثْلُهُ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ، وَزَادَ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «أَنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالشَّهْوَةِ» .

[بَابُ الصَّدَاقِ]
الصَّدَاقُ: بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا مَأْخُوذٌ مِنْ الصِّدْقِ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ الزَّوْجِ فِي الزَّوْجَةِ، وَفِيهِ سَبْعُ لُغَاتٍ وَلَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ يَجْمَعُهَا قَوْلُهُ:
صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نِحْلَةً وَفَرِيضَةً ... حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عُقْرُ عَلَائِقُ
وَكَانَ الصَّدَاقُ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا لِلْأَوْلِيَاءِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ عَلَى الْمُهَذَّبِ.

الصفحة 216