كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)

مِثالُ اعْتِبارِه بالنَّصِّ، قولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)) فقدْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ عَينَ الوَصْفِ، وهو السُّكْرُ، في عَينِ الحُكْمِ، وهو التَّحْريمُ، بالنَّصِّ مُحافظَةً على العَقْلِ، وهو مَقصودٌ للشَّارِعِ فإنَّ العَقلَ مَناطُ التَّكْليفِ، والمُحافظةُ عليه مَصلحةٌ مَقصودةٌ للشَّارِعِ.
ومِثالُه أيضاً قولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّا))، فإن الشَّارِعَ اعْتَبرَ عَينَ الوَصْفِ وهو مَسُّ المُتَوَضِّئِ ذَكَرَهُ في عَينِ الحُكْمِ وهو الحَدثُ.
ومِثالُ اعْتبارِه بِالإجْماعِ: وَصفُ الصِّغَرِ فإنَّه مُعتَبرٌ في عَينِ وِلايَةِ المالِ، مُحافظةً على المالِ بِالإجْماعِ، فقدْ أجْمعَ العُلماءُ على أنَّ عَينَ وَصْفِ الصِّغَرِ هو العِلَّةُ في عَينِ وِلايةِ المالِ، قالَ الإِمامُ الغَزَالِيُّ: فإنْ ظَهرَ تاثيرُ عَينِ الوَصْفِ في عَينِ الحُكْمِ فهو قِياسٌ في مَعْنى الأَصْليِّ، وهو المَقْطوعُ بِه الَّذي رُبَّما اعْترَفَ به مُنْكِرو القِياسِ، إذْ لا يَبقَى بَينَ الأَصلِ والفَرْعِ مُبايَنةٌ إلاَّ تَعَدُّدُ المَحلِّ فإنَّه إذا ظَهرَ أنَّ عَينَ السُّكرِ أثرٌ في تَحريمِ عَينِ الشُّربِ مِن الخَمرِ فالنَّبيذُ مُلْحقٌ به قَطْعاً. اهـ.
القِسمُ الثَّاني: أنْ يَعتَبرَ الشَّارعُ عَينَ الوصْفِ في جِنسِ الحُكمِ، وهذا القِسمُ وما يَليهِ - أي: اعْتبارُ جِنْسِ الوَصفِ في عَينِ الحُكمِ، واعْتبارُ جِنسِ الوَصفِ في

الصفحة 13