كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)

جِنْسِ الحُكمِ ـ يُسمَّى مُلائِماً لِكونِه مُوافِقاً لِما اعْتَبرَه الشَّارعُ.
مِثالُه- أي: اعْتبارُ عَينِ الوَصفِ في جِنسِ الحُكمِ- ثُبوتِ وِلايةِ النِّكاحِ على الصَّغيرِ كما ثَبَتَتْ وِلايةُ المالِ لِوَصفِ الصِّغرِ وهو واحِدٌ، والحُكمُ الوِلايةُ وهو جِنسٌ، فاعْتَبرَ عَينَ الصِّغرَ وهو مُعيَّنٌ في جِنسِ الوِلايةِ، وهو جِنسٌ يَشملُ الوِلايَةَ على النَّفسِ في النِّكاحِ والوِلايةِ على المَالِ، ومِثالُه أيضاً: اعْتبارُ الشَّارعِ تَقديمَ الأَخِ مِنَ الأَبَوَينِ على الأَخِ مِن الأبِ في الإِرْثِ، وقِيسَ عليه تَقديمُه في وِلايَةِ النِّكاحِ وغيرِها مِن الأَحكامِ الَّتي قُدِّمَ عليه فيها، فإنَّه وإنْ لَمْ يَعتبِرْهُ الشَّارعُ في غيرِ هذه الأحْكامِ ولَكنِ اعْتبرَهُ في جِنسِها وهو التَّقدُمُ في الجُملَةِ.
قالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ والزَّرْكَشِيُّ وغيرُهما: هذا القِسْمُ دُونَ ما قَبلَه؛ لأِنَّ المُقارَنَةَ بينَ المَسْألتَينِ بِحَسَبِ اخْتِلافِ المَحَلَّينِ أقلُّ مِن المُقارَنةِ بينَ نَوعَينِ مُخْتلِفَينِ. اهـ.
القِسمُ الثَّالثُ: أنْ يُعتَبَرَ جِنسُ الوَصفِ في عَينِ الحُكمِ.
مِثالُه: المَشقَّة ُفإنَّها جِنسٌ أثَّرَ في نَوعٍ، وهو إسْقاطُ صلاةٍ، أمَّا في الحَيضِ فبِالكُلِّيَّةِ، وأمَّا في السَّفرِ فبِإسقاطِ نِصفِ الرُّباعيَّةِ، وإنَّما جَعلَ الوَصفَ هنا جِنساً والإِسْقاطَ نَوْعاً، لأِنَّ مَشقَّةَ السَّفرِ نَوعٌ مُخالِفٌ لِمشقةِ الحَيضِ، وأمَّا السُّقوطُ فأمْرٌ واحدٌ وإنِ اخْتَلَفَتْ مَحالُّهُ.
القِسمُ الرَّابعُ: أنْ يُعتبرَ جِنسُ الوَصفِ في جِنسِ الحُكمِ.
مِثالٌ: جِنايَةُ القَتْلِ العَمْدِ العُدْوانُ، فإنَّ هذا الوَصفَ عِلَّةٌ في وجُوبِ القِصاصِ، وقدْ اعْتبرَ الشَّارعُ مُطْلقَ جِنايَةِ العَمدِ العُدْوانَ، والجِنايَةُ جِنسٌ تَشْملُ الجِنايَةَ على النَّفسِ والجِنايَةَ على الأطْرافِ والحُكمُ هو وجُوبُ القِصاصِ، وهو جِنسٌ يَشملُ القِصاصَ في الأنْفُسِ والقِصاصَ في الأطْرافِ فجِنسُ الجِنايَةِ مُعتَبرٌ في جِنسِ قِصاصِ النَّفسِ، قالَ الإِمامُ الزَّرْكَشِيُّ: وهذا القِسْمُ أبْعدُها فإنَّه يكونُ في تَعْليلِ الأحْكامِ بِالحِكْمةِ الَّتي لا تَشْهدُ لها أُصولٌ مُعَيَّنَةٌ.
ومِمَّا تَقدَّمَ يَتَبيَّنُ أنَّ المَصلحَةَ المُعْتبرَةَ تَنقَسِمُ إلى مَصلحةٍ مُؤَثِّرَةٍ: وهي الَّتي اعْتبرَ

الصفحة 14