كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)
لمقصود الشارع.
أولاً: الدليل الخاص بالمالكية.
استدل المالكية على مذهبهم بأن المصالح المرسلة في ترتيب الحكم عليها لا يخلو الحال فيها من أمرين:
الأول: أن تكون المصلحة خالصة.
الثاني: أن تكون المصلحة راجحة.
وكل ما هو مصلحة خالصة أو راجحة يظن اعتبار الشارع لها، فينتج: أن المصالح المرسلة، يظن اعتبار الشارع لها، والعمل بالظن واجب بالإجماع، فالعمل بالمصالح المرسلة واجب، وهو المطلوب.
أما كون المصلحة المرسلة في ترتيب الحكم عليها مصلحة خالصة أو راجحة فظاهر، لأنه هو المفروض، إذ الفرض عدم وجود مصلحة أخرى معتبرة تعارضها.
وأما الدليل على أن كل ما كان مشتملاً على مصلحة خالصة أو راجحة يظن اعتبار الشارع لها ـ فلأن الله تعالى قد اعتبر جنس المصالح في جنس الأحكام، واعتبار جنس المصالح يوجب ظن اعتبار المصلحة المرسلة لكونها من جملة أفراد المصالح.
وأما كون العمل بالظن واجباً، فهذا محل وفاق.
قال القرافي مستدلاً على مذهب الإمام مالك: لنا أن الله تعالى إنما بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام لتحصيل مصالح العباد عملاً بالاستقراء (أي أنه ثبت بالاستقراء أن الله تعالى قد بعث الرسل بالأحكام تحقيقاً لمصالح الناس) فمهما وجدنا مصلحة، غلب على ظننا أنها مطلوبة للشرع.
الصفحة 30
988