كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)
وقال الإسنوي: إن الشارع اعتبر جنس المصالح في جنس الأحكام، واعتبار جنس المصالح يوجب ظن اعتبار هذه المصلحة لكونها من أفرادها.
مناقشة هذا الدليل:
نوقش هذا الدليل: بأنه لو وجب اعتبار المصالح المرسلة بمجرد مشاركتها للمصالح التي اعتبرها الشارع في كونها مصالح، لوجب إلغاؤها أيضاً، لمشاركتها للمصالح التي ألغاها الشارع في ذلك، فيلزم اعتبارها وإلغاؤها، وهو محال، لأن المصالح المرسلة هي التي لم يشهد لها الشارع بالاعتبار ولا بالإلغاء، فكما يجوز إلحاقها بالمصالح المعتبرة يجوز إلحاقاً بالملغاة، إذ الكل وصف مصلحي، فالتعويل على المشاركة للمصالح المعتبرة دون العكس، ترجيح بلا مرجح.
الجواب: لا نسلم أن المصالح المرسلة من جنس المصالح الملغاة، لأن الإلغاء لا يكون إلا بدليل شرعي، ولم يوجد هذا الدليل في المصالح المرسلة، ومجرد اشتراك المصالح المرسلة مع المصالح الملغاة في التسمية لا يرجح الإلحاق بها، لأنه ترجيح بلا مرجح.
قال الشاطبي: المصلحة إذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد، فهي المقصودة شرعاً، فقد بين أن كون المصلحة غالبة دليل على كونها مقصودة للشارع، فمن باب أولى إذا كانت المصلحة خالصة عن المفسدة، وهذا الدليل استدل به القرافي على مذهبه في القول بالمصلحة مطلقاً، وعزاه البيضاوي في منهاجه للإمام مالك وتبعه، شراحه، إلا أنه يصلح أيضاً أن يكون دليلاً للمذهب القائل بالمصلحة المرسلة بشرط الملاءمة، وذلك بأن يقول: اعتبار الشارع جنس المصالح في جنس الأحكام، يوجب ظن اعتبار هذه المصلحة الملائمة، والعمل
الصفحة 31
988