كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)

بالظن واجب.
ثانياً: الأدلة المشتركة بين المالكية وغيرهم.
أولاً: من القرآن الكريم:
استشف القائلون بالمصالح المرسلة، العديد من آيات الله تعالى الدالة على أن التشريع الإسلامي إنما قصد مصلحة الخلق في دنياهم وأخراهم.
من ذلك قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
وجه الدلالة: أن الآية تدل على أن رسالته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمة، حيث إن شريعته راعت مصالح العباد الدنيوية والأخروية، فما جاء به من الأخبار والمواعظ البالغة والوعد والوعيد والبراهين القاطعة الدالة على التوحيد وصحة النبوة وغير ذلك ـ هي سبب لسعادة الدارين، فمن المحال أن نجد آية فيه تدعو إلى ما يخالف المصلحة الحقيقية، لأن الله سبحانه وتعالى نفى في هذه الآية جميع العلل والأحوال التي يمكن الإرسال من أجلها إلا حالة واحدة هي الرحمة، فانحصر الإرسال فيها، واقترن بها، ولو خلا من المصلحة لخلا الإرسال من الرحمة، فينافي ما نطقت به، وهذا أمر باطل.
ومنه قوله تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.
وجه الدلالة: أن الشارع قد راعى مصلحة العباد في الآيتين الكريمتين من وجوه:
الأول: قوله تعالى: {قد جاءتكم موعظة} حيث في توعظهم أكبر صالح،

الصفحة 32