كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)
إذ في الوعظ كفهم عن الأذى، وإرشادهم إلى الهدى.
الثاني: وصف القرآن بأنه (شفاء لما في الصدور) من الشكوك وسوء الاعتقاد ونحوه، ولا ريب أن هذه مصلحة عظيمة للمشفي.
الثالث: وصفه بالهدى، الذي يهدي إلى الحق واليقين.
الرابع: وصفه بالرحمة، وفي الهدى والرحمة غاية المصلحة، حيث أنزل عليهم فنجوا بها من ظلمات الضلال إلى نور الإيمان.
الخامس: الفرح بذلك، لقوله تعالى {فبذلك فليفرحوا} وهو معنى التهنئة لهم بذلك، والفرح والتهنئة إنما يكونان لمصلحة عظيمة.
السادس: قوله تعالى: {هو خير ما يجمعون} من حطام الدنيا، وهي مصالح دنيوية، فالقرآن ونفعه أصلح من مصالحهم، والأصلح من المصلحة غاية المصلحة.
فهذه وجوه ستة تدل على أن الشرع راعى مصلحة المكلفين واهتم بها.
ومنه قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} وقوله تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم}.
فقد أشار سبحانه وتعالى إلى رفع العسر، وإزالة الحرج عن الناس فيما ألزمهم به من أحكام، ومقتضى هذا أن تكون تلك الأحكام دائرة مع مصالحهم، ومتطلبات سعادتهم في الدنيا والآخرة بتيسير العبادة لهم، وتطهيرهم من رجز الدنيا والآخرة، وما ذلك إلا للسعادة في الآخرة، ولو أن الأحكام لم يراع فيها المصالح، لكان فيها عسر وحرج، لكن العسر والحرج في الأحكام مرفوع، فارتفع كون الأحكام لم تراع فيها المصالح التي تعود على المكلفين.
وغير ذلك مما ورد في القرآن من آيات القصاص والحدود التي شرعها الله
الصفحة 33
988