كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)
للمحافظة على أرواحهم، وأنسابهم وأعراضهم، وأموالهم، وما ذلك إلا حفاظاً على مصالح الناس في الدنيا والآخرة.
ثانياً: من السنة النبوية المطهرة:
أولاً: حديث معاذ رضي الله عنه وذلك لما بعثه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن، وقال له: ((بم تقضي؟)) قال: بكتاب الله، قال: ((فإن لم تجد؟)) قال: بسنة رسول الله قال: ((فإن لم تجد؟)) قال: أجتهد رأيي ولا آلو.
وجه الدلالة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقر معاذاً على اجتهاده، والاجتهاد أعم من القياس، فكما يكون بقياس النظير على النظير، يكون ببناء الحكم على قواعد الدين ومبادئ التشريع العامة من الكتاب والسنة، وهذا يشمل المصالح المرسلة.
قال الإمام الغزالي في (المنخول) بعد أن ساق هذا الحديث، للاستدلال به على مذهب الشافعي: واجتهاد الرأي مشعر باتباع قضية النظر في المصلحة، ولم يكلفه الشارع ملاحظة النصوص معه.
وقال في (شفاء الغليل) فإن قال قائل: لم قلتم: إن هذا الجنس ـ أي المناسب المرسل ـ حجة؟ وما وجه التمسك به؟ وما الدليل عليه، وقد اضطربت فيه مسالك العلماء، وقد قطعتم القول بقبوله؟ قلنا: إنما دلنا عليه ما دلنا على أصول القياس، فإنا بينا أن حاصل ذلك كله راجع إلى القول بالرأي الأغلب في فهم مقاصد الشرع، وإلى هذا يرجع ما يجوز التمسك به.
وما قاله الغزالي واضح في أن الدليل على إثبات المصلحة المرسلة هو الدليل
الصفحة 34
988