كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 3)
المثبت للقياس.
ثانياً: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا ضرر ولا ضرار)) فالضرر: هو الإضرار بالآخرين، لمنفعة تعود على المضر، والضرار: هو الإضرار بالآخرين بدون منفعة تعود على فاعل الضرر.
وقال الطوفي: الضرر: إلحاق مفسدة بالغير مطلقاً، والضرار: إلحاق مفسدة به على جهة المقابلة ـ أي كل منهما يقصد ضرر صاحبه ـ فالحديث ينفي إلحاق المرء الضرر بغيره مطلقاً.
فهذه قاعدة عامة، أغلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها منافذ الضرر والفساد، سواء أكان الضرر فيه منفعة تعود على المضر أم لا، وإذا نهي عن الضرر كان الأمر بضده، وهو مراعاة المصالح بين الناس، ثابتاً بالمفهوم المخالف، لأنهما نقيضان لا واسطة بينهما.
ثالثاً: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق)).
فقد حدد الحديث حقيقة الدين بين طرفين اثنين، يبدأ أولهما بعقيدة التوحيد، حيث يمتد الدين من هذه البداية منتهياً بأبسط شيء يعود على المجتمع بالمصلحة العامة، وهو إماطة الأذى عن الطريق، أي ما يؤذي من حجر أو شوك ونحو ذلك، فتكون جميع المصالح ـ المختلفة الأنواع المتعددة الفوائد، المتدرجة المراتب ـ محصورة
الصفحة 35
988