كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

الموجودات الممكنة لا تنحصر في الأجرام والقائم بها لكن الجوهر عندهم عبارة عن موجود لا في موضوع، والموضوع هو المتقدم بنفسه ولا يتقدم بما حل فيه، وقال الإمام في (المطالب): وأما الثالث من أقسام الموجودات وهو الموجود الذي لا يكون متحيزا ولا حالا في المتحيز فقد ثبت بالدلائل النقلية أن الله تعالى كذلك، وهل حصل في الممكنات موجود هذا شأنه أم لا؟ فالحكماء أثبتوه والمتكلمون أنكروه وليس من المتكلمين ما يدل على فساد هذا القسم ودليلهم، على حدوث العالم إنما يتناول المتحيزات والأعراض القائمة بها ولا يتناول هذا الثالث، فعلى هذا دعواهم أن كل ما سوى الله تعالى محدث إنما يتم بإبطال هذا الثالث، أو بذكر دليل يدل على حدوث هذا الثالث بتقدير ثبوته وإن لم يذكروا شيئا في هذين المقامين فيبقى كلامه ناقصا، وقال في موضع آخر القائلون بإثبات الجسم الذي لا يتجزأ يتفرع عليه فروع:
الأول: اختلفوا في أنه هل يعقل وقوع الجزء الواحد على الجزأين فأباه الجبائي والأشعري وجوزه أبو هاشم والقاضي عبد الجبار.
الثاني: أن الجوهر الفرد هل له شكل أم لا؟ فأباه الأشعري. وأما أكثر المعتزلة فأثبتوا له شكلا، ثم اختلفوا فقيل: إنه أشبه بالمثلث والأكثرون أنه أشبه بالمربع، والحق أنهم شبهوه بالمكعب، لأنهم أثبتوا له جوانب ستة، وزعموا أنه يمكن أن يتصل به جواهر ستة من جوانب ستة وهذا يوجب أن يكون شكله المكعب.
الثالث: أن الجوهر الواحد له حظ من الطول العرض؟ فأنكره الكل إلا أبو الحسين الصالحي من قدماء المعتزلة فإنه زعم أنه لا بد من أن يحصل له قدر من الطول والعرض والعمق.

الصفحة 883