كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

فقد تخصص ما أوجب العالم بها أوجب القادر، وما أوجب القادر بما أوجب العاجز، وغير ذلك يداخل المختلفات والمتضادات، وهذا من كلامه يدل على إثبات الأحوال النفسية منها، وقال القاضي أبو يعلى في (المعتمد): الأحوال ليست بأشياء موجودة بل هي حكم الأشياء، قال: ويصح العلم أو يتعلق
بالأحوال مفردة وبالذوات مفرده، ويصح أن يجعل الأحوال من عرف الذوات خلافا لابن الجبائي في قوله: إن الأحوال ليست بمعلولة ولا مجهولة بل تعلم الذوات عليها، ولنا أن الواحد منا يعلم ذات الشيء أو لا ولا يعلم مع ذلك ما هي عليه من الأحوال التي تختص بها إلا بنظر آخر انتهى. والقصد بهذه المسألة أن أصحابنا لما تكلموا مع المعتزلة في صفات الله تعالى، احتجوا عليهم في إثباتها باعتبار الغائب بالمشاهد، وقدروا ذلك بطرق منها إثبات الأحوال، ولا شك أن الأعراض القائمة بالذات توجب لمحالها أحوالا بأن العلم يقتضي لجملة البدن حالا، وهو العالمية، والقدرة حالا وهي القادرية، وكذا باقي الصفات، ومعنى قولهم إن الأحوال لا توصف بالوجود ولا بالعدم أنها غير موجودة في الأعيان، ولولا معدومة في الأذهان، واحتج مثبتها بالأدلة القائمة على ثبوت الأعراض عند نفاة الأحوال والعجب منهم كيف صرحوا بأنها غير موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا مجهولة، ثم استدلوا عليها، وغاية الاستدلال إثبات العلم بوجود شيء أو عدمه، فما لا وجود له ولا عدم كيف يستدل عليها؟ إذ لا يمكن تعلق العلم به.
واحتج فخر الدين على نفيها بأن تلك الواسطة إن كان لها ثبوت بوجه ما، كانت موجودة وإن لم تكن فمعدومة وأشار في (الطوالع) إلى أن البحث لفظي يرجع إلى تفسير الحال، فعلى تفسيرهم تثبت الواسطة، فقال: لنا: أن التصور إما أن يتحقق بوجوب وهو الوجود أو لا وهو العدم، فإن غيروا التفسير فالبحث لفظي، وقال

الصفحة 886