كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

واختاره الإمام في (المحصل) وصاحب (الصحائف) لأن السرعة والبطء عرضان قائمان بالحركة وليسا قائمين بالجسم، إذ يقال: جسم بطيء في حركته، ولا يقال: جسم بطيء في جسميته، وكذلك لون كثيف ورقيق، فالكثافة والرقة أعراض قامت باللون.
وأجاب المانعون بأن السرعة والبطء قائمان بالمتحرك بواسطة الحركة لا نفس الحركة، والحاصل أن هذه الأعراض (١٢٦/ك) إنما قامت بالجواهر بواسطة الأعراض فحاصل الأمر أن الأعراض لا تقوم بالجواهر، نعم تارة بلا وساطة كالحركة وتارة بواسطة كالسرعة قامت بالجواهر بواسطة الحركة، ويمنع كون البطء صفة للحركة، وإنما هو عبارة عن تحلل السكنات، وكذلك السرعة عبارة عن عدم التحلل، فرجع حاصله إلى أن الجسم يسكن في بعض الأحيان ويتحرك في بعضها، فيكون ذلك صفة للجسم لا للحركة، ويقولون: أيضا إن ما ذكره الخصوم لا يتأتى على مذهبهم أيضا لجواز أن تكون طبقات الحركات أنواعا مختلفة وليس ثم إلا الحركة المخصوصة، وأما السرعة والبطء فمن الأمور النسبية، ولذلك تكون بطيئة بالنسبة إلى حركة الإنسان مثلا سريعة بالنسبة إلى أخرى كالفرس.
واعلم أن الفلاسفة إنما قالوا بقيام الأعراض بأنفسها وانتقالها عن محل إلى آخر، لأن المتكلمين استدلوا على حدوث الأجسام بأنها لا تخلو عن الحركة والسكون، وأنهما عارضان حادثان وما لا يخلو عن الحادث فهو حادث، فقالوا لهم: لا نسلم حدوث الحركة والسكون ولم لا يجوز أن يكونا قبل هذه الأقسام قديمين،

الصفحة 889