كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

وأما إذا فرضنا أن تأثير المؤثر في البقاء يلزم أن يكون الإمكان علة الاحتياج إلى البقاء وهو علة الاحتياج إلى التأثير هذا خلف.
قلت: وهذا هو المراد بمذهب الأصحاب كما سبق تحريره من كلام الإمام وغيره، وقوله وينبني أي أن هذا الخلاف مبني على خلاف آخر وهو علة الحاجة إلى المؤثر وفيه أربعة مذاهب:
أحدها: أن علة الحاجة إلى المؤثر الإمكان ولا مدخل للحدوث فيها وهو اختيار الإمام، ونقله عن أكثر الأصوليين، ونسبه صاحب (الصحائف) لجمهور المحققين، ووجهه: أنا إذا رفعنا الإمكان عن الوهم نفي الوجوب بالذات أو الامتناع بالذات، وكل منهما يحيل الحاجة إلى المؤثر فدل على أن علة الحاجة ليس غير الإمكان.
والثاني: إنها الحدوث، وهو الخروج من العدم إلى الوجود وهو قول باطل لما يلزم عنه مما سنذكره.
والثالث: مجموع الإمكان والحدوث فالعلة مركبة منهما.
والرابع: أن العلة الإمكان فقط والحدوث شرط والفرق بين الإمكان والحدوث: أن الإمكان عبارة عن كون الشيء في نفسه بحيث لا يمتنع وجوده ولا عدمه امتناعا واجبا ذاتيا، والحدوث عبارة عن كون الوجود مسبوقا بالعدم، وممن ذكر البناء صاحب (الصحائف).

الصفحة 896