كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

ولأنهم قالوا: تمكن ولو كان من الكون لقالوا: تكون كتقول من القول فأما تمسكن وتدرع فقليل.
(ص) والخلاء جائز والمراد منه: كون الجسمين لا يتماسان ولا بينهما ما يماسهما.
ش: إنما وسط المصنف بذكره بين المكان والزمان (١٢٩/ك) لذهاب قوم إلى أن المكان هو الخلاء كما سبق وعرفه: بحصول جسمين لا يتلاقيان ولا يتوسط بينهما ما يلاقيهما وقد سبق خلاف في أنه عدم محض أو أبعاد أو امتدادات، والأصح الثاني والتفريع عليه وقد اختلف فيه أنه هل يجوز في داخل العالم وخارجه خلاء وهل للعالم مكان؟ فجوزه أكثر أهل الحق وكثير من قدماء الفلاسفة وأثبتوه وراء سطح العالم وداخله أيضا، وقال متأخروهم: ليس داخل العالم خلاء، وأما خارجه فلا خلاء ولا ملاء.
واحتج النافون فقالوا الدليل على أنه ليس في داخله خلاء: أنه إذا كانت له منافس يخرج الهواء منها عند اعتماد الماء عليه، فإن لم يكن لها منافس منع ما فيها من الهواء بكثرته لبعد مسافته في جريان الماء، ولأن الماء إذا صب في إناء مشبك الأعلى فإن الهواء يخرج إذ ذاك من الإناء ويزاحم الماء حتى تسمع لها صوتا عند تزاحمهما، وهو أمر معلوم بالمشاهدة والدليل على أنه ليس في خارجه خلاء: أن الخلاء تابع للملاء فإذا كان الملاء متناهيا كان الخلاء متناهيا.

الصفحة 901