كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

والصحيح إثباته لأنه لا يمتنع في العقل فرض عوالم يوجدها الله خارج هذا العالم، ومعلوم أنه لا يوجدها إلا في مكان وهو الخلاء، إذا كان الخلاء عبارة عن: بعد يمكن أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة قائمة، لا في ملاء من شأنه أن يملك جسم ويخلو عنه، وموضع الخلاف في أنه هل يسمى مكانا؟ إنما هو في هذا النوع إذا تمكن فيه جسم، ولا خلاف أن سطح الجسم الأسفل الذي يستقر عليه الشيء الثقيل يسمى مكانا، وكذلك السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي، فعلى هذين الوجهين ليس للعالم مكان، وله مكان على الوجه الأول، وهو الخلاء الذي يشغله وجود العالم.
فروع على القول بالخلاء ذكرها الإمام في (المطالب).
الأول: اتفق جمهور القدماء على أن الخلاء لا يقبل العدم البتة، وخالفهم المحققون لأن هذه الابعاد ممكن الوجود، وكل ممكن قابل للعدم.
الثاني: اتفقوا على أن حصوله خارج العالم غير متناه، وزعم أرسطاطاليس وأصحابه: أنه محال فإن القول بوجود أبعاد متناهية غير محال.
الثالث: القائلون بحدوث العالم لا بد أن يقروا بأن هذا الفضاء قبل حدوث العالم كان فضاء متشابها، أعني أنه كان جانب منه فوقاً وجانباً= منه تحتا، لأن الفوقية والتحتية لا يعقل حصولها إلا عند حصول جسم آخر، فإذا لم يوجد شيء من الأجسام البتة امتنع اختلاف آخر هذا الخلاء بالفوقية والتحتية بكل كان خلاء متشابه الأحوال بالكلية.
الرابع: أن القصد من هذه المباحث: أن إله العالم يمتنع أن يكون مختصا بشيء من الأمكنة.

الصفحة 902