كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

رؤوس الصديقين حب الرياسة، وأعلاها اللذات العقلية وهي الحاصلة بسبب معرفة الأشياء والوقوف على حقائقها وهي اللذة على الحقيقة وهذا أخذه من كلام الغزالي قال الغزالي: والعقلية هي أقلها وجودا وأشرفها، أما قلتها فلأن الحكمة لا يستلذ بها إلا الحكيم وقصور الرضيع عن إدراك لذة العسل والطيور السمان والحلاوة لا يدل على أنها ليست بلذيذة واستطابته للبن لا يدل على أنه أطيب الأشياء والناس كلهم إلا النادر مقيدون في صبأ الجهل غير بالغين في رتبة العلوم، فلذلك لا يستلذون:
ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مرا به الماء الزلالا.
وأما شروطها: فلأنها لازمة لا تزول ودائمة لا تمل وثمرتها في الدار الآخرة، والقادر على الشريف إذا رضي بالخسيس الفاني كان مصابا في عقله مجزوما بشقاوته أقل أمر فيه أن الفضائل لا سيما العلم والعمل لا يحتاجان إلى أعوان وحفظة بخلاف المال فإن العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم يزيد بالإنفاق والمال ينقص به والعلم نافع في كل حال والمال تارة يجذب إلى الرذيلة، ولذلك ذمه الله في القرآن في مواضع وإن سمي خيرا في مواضع وذكر الشيخ عز الدين في (القواعد) قريبا منه فقال: هذا مختص بدار المحنة وأما دار الكرامة وهي الجنة فإن اللذة تحصل

الصفحة 912