كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

ولذلك يقل الالتذاذ بها مع كثرة الصحبة وقال ابن سينا في بعض كتبه: اللذة إدراك الملائم والألم إدراك المنافي، قال الصفي الهندي: وهو لا يخلو عن شائبة الدور لأن إدراك أحدها يتوقف معرفته على إدراك الآخر، وهذا فيه نظر: إذ قد يدرك المنافي من لم يدرك أحدها ويعرفه وكذا بالعكس، وقال ابن سينا في (الشفاء) إدراك الملائم من حيث هو ملائم، والملائم هو الكمال الخاص للشيء ورد بأنا نجد من أنفسنا حالة مخصوصة، ونعلم أنا ندرك ملائما ولا نعلم أن تلك الحالة هي نفس الإدراك أو غيره والمختار أن اللذة والألم لا يحدان لكونهما من الأمور الوجدانية فلا يحتاج في حصولهما إلى نظر وفكر، وقال في (المحصول) في باب القياس عند الكلام في المناسب: إنه الصواب وجرى عليه البيضاوي في (الطوالع) وعلى التحديد فمرادهم الإدراك بحادث فإن الكيفيات المستقرة لا يلتذ بها لاستقرارها وعدم تحددها، إذ لا يبقى للنفس بها شعور، بل تذهل عنها في أكثر الأوقات، واللذة إنما هي بحصول وشعور، فالحصول بعد ما لم يكن كالمريض إذا حصل الصحة دفعة وجد بذلك أعظم اللذة لتجددها بعد الزوال، وما قال المصنف: إنه الحق أخذه من (الصحائف) للسمرقندي فقال: بل الحق أن الإدراك ليس هو نفس اللذة بل ملزومها.
(ص) ويقابلها الألم.

الصفحة 914