كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

عبده فتح عليه باب ذكره فإذا استلذ الذكر، فتح عليه باب القرب ثم رفعه إلى مجالس الأنس، ثم أجلسه على كرسي التوحيد ثم رفع عنه الحجب وأدخله دار القرب وكشف له الجلال والعظمة، فإذا وقع بصره على الجلال والعظمة خرج من حسه ودعاوى نفسه، ويحصل حينئذ في مقام العلم بالله، فلا يتعلم من الخلق بل تعليم الله وتجلية لقلبه حينئذ، فيسمع ما لم يسمع ويفهم ما لم يفهم قال بعض محققي الصوفية: لو أنصفنا أصحابنا الأصوليون لما استبعدوا ذلك أعني حصول العلم من العمل، لأن الصوفية يقولون: العلم يستفاد بأعمال القلوب، وهي كيفية يظهر صدقها بالعمل بالجوارح فعمل الجوارح حق حقيقة على القلب ولهذا لا يصح عمل النية إلا بعمل القلب، أعني عملا مقبولا ولو نظروا رضي الله عنهم حق النظر لعلموا أن المعارف العقلية لا تحصل إلا بصحة النظر، وصحة النظر لا تحصل إلا بصحة البصيرة، وصحة البصيرة لا تحصل إلا بزوال حاسة النفس وانقشاع غمام الجهل، وحصول طهارة النفس كما قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} وقوله: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وقوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} ولهذا قال: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
سبلنا}، {والذين اهتدوا زادهم هدى} وقال

الصفحة 933