كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

إلى تقييده لأنه إذا قيد حديث النفس وهو دون الهم كان الهم مقيدا بطريق أولى، هل يؤخذ= بهما إذا عمل عملا غير المعصية التي هم أو حدث نفسه بها، أما إن كان ذلك العمل أجنبيا لا ارتباط له بهما بالكلية كمن هم بالزنا ثم أكل فلا ريب في عدم المؤاخذة وإن كان من مقدمات المعصية كمن هم بالزنا بامرأة تقابله فمشى إليها ثم رجع من الطريق، فهذا موضع نظر، قال الشيخ السبكي: يظهر المؤاخذة من إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم العمل، وكونه لم يقله أو يعمله، قال: فيؤخذ منه تحريم المشي إلى معصية، وإن كان المشي في نفسه مباحا لكن لانضمام قصد الحرام، وكل واحد من المشي والقصد لا يحرم عند انفراده أما إذا اجتمعا فإن مع الهم عملا لما هو من أسباب المهموم به فاقتضى إطلاق (أو يعمل) المؤاخذة به، قال: فاشدد بهذه الفائدة يديك واتخذها أصلا يعود نفعه عليك وهذا الذي قاله من المؤاخذة بالمقدمة إذا انضمت إلى حديث النفس لإطلاق (أو يعمل) حسن لو لم يقيد في حديث آخر، لكن جاء في رواية في الصحيحين (أو يعمل به) ويحتمل أنه لما رجع عن فعل السيئة بعد فعل مقدمتها لله لم يؤاخذ بالفعل، لقوله في الحديث: ((إن تركها فاكتبوها له حسنة وإنما تركها من جراي=)) أي: من أجلي، رواه مسلم، وفي لفظ لابن
حبان ((وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة)) وذكر في موضع آخر أن قوله: (أو يعمل) ليس له مفهوم حتى يقال: إذا تكلمت أو عملت يكتب عليها حديث النفس لأنه إذا كان الهم لا يكتب فحديث النفس أولى، وهذا خلاف ظاهر الحديث وخلاف ما قاله المصنف هنا، وقد نازعه ابنه وقال: يلزم منه

الصفحة 946