كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

فإنه يجب عليه ملازمة الطاعة ومعالجة الشهوة، وإنما خص المصنف هذا بالأمارة لأن النفوس ثلاث: أمارة بالسوء وهي التي لا يلوح لها طمع إلا تعرضت له (١٣٩/ك) ولا تبدو لها شهوة إلا تبعتها، لم تحكمها الرياضة ولم تسلك سبيل الرشاد.
والثانية: اللوامة وهي التي تلوم صاحبها على التقصير في الطاعة ولهذا أقسم الله تعالى بها: {ولا أقسم بالنفس اللوامة}.
والثالثة: المطمئنة التي استقامت على الطاعة ولم تفترسها غوايل الشهوات، واعلم أن النفس بطبعها تحب الراحة، والشهوة فمتى أطلقت لجامها أهلكتك فتحتاج أن تكون ركابا فارسا بطلا وإلا اغتالتك قال بعضهم: وقفت يوما بالطاحون وإذا ببعير يدور على رحا فلما فقد صوت الطحان أبطأ في السير، فجاء الطحان وصاح به كالزاجر له على البطء فرأيت البعير هاج لصوته وتحرك كل عضو منه على حدته لانبعاثه ففهمت منه أن كل روحاني فنفسه تبطئ به لميلها إلى الراحة فيحتاج إلى مؤاثرة تزجره وتصوب به وتحثه على العمل، كذلك نفس ابن آدم محتاجة إلى الموعظة والزجر.
(ص) فإن فعلت فتب.
(ش) أي على الفور وهو مفهوم من إتيانه بالفاء حتى لا يبقى للمعصية في النفس أثر، لأن التوبة تجب ما قبلها وهي رحمة من الله للمذنبين، قال العلماء:

الصفحة 948