كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

والتوبة واجبة لا يجوز لمن عمل سيئة أن يؤخر التوبة بل يلزمه إذا وقعت منه الندم والاستغفار وقل أن يخلو المكلف من أمر يتوب منه حتى إن قوما من العلماء يوجبون التوبة من الغفلة قال ابن الصباغ في كتاب (الطريق السالم): وذلك ظاهر الحجة فإن من شأن المنعم عليه أن لا يغفل عن المنعم، لأنه لا يخليه عن نعمة.
واعلم أن الإسلام يجب ما قبله قطعا، وأما التوبة فهل تكفيرها الذنب قطعي أو ظني؟ فيه خلاف لأهل السنة واختار إمام الحرمين أنه مظنون قال النووي في (شرح مسلم) وهو الأصح وقال الأبياري في (شرح البرهان): الصحيح عندنا القطع بالمحو، وسندنا الإجماع عليه وإن اختلفوا في القطع والظن، فمن قال: إنها غير ماحية فقد خرق الإجماع، فإن قيل: فبعض الأمة جازم بالظن فكيف ينتج القطع؟ قلنا: يلزم من هذا أن الأمة إذا اجتمعت على قبول مظنون أن لا يكون حجة، ونحن نختار أن الإجماع حجة على كل حال، وظن بعضهم يزيد على ظن جميعهم قال الحليمي: ولا يجب على الله قبولها ولكنه لما أخبر عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ولم يجز أن يخلف وعده، علمنا أنه لا يرد التوبة الصحيحة على صاحبها

الصفحة 949