كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

ش: فيه مسائل أحدها: من تاب ثم نقض لم يقدح في صحة الماضية ما طرأ من المنافي، وعليه المبادرة إلى تجديد التوبة من المعاودة كقوله تعالى: {إن الله يحب التوابين} والتواب بوزن فعال وهو للمبالغة ولا يطلق إلا على من أكثر التوبة، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أصر امرؤ ولو عاد في اليوم سبعين مرة)) هذا هو المشهور وحكى الإمام عن القاضي أن توبته الأولى انقضت حتى يلقى الله مؤاخذا بحكم الزلة الأولى التي تاب منها والصحيح الأول، فإنه كمن ترك الصلاة فقضاها ثم ترك أخرى فالأولى التي قضاها لا يطالب بحكمها ثانيا وأجرى الواحدي في تفسير سورة النساء هذا الخلاف في الكافر يؤمن ثم يكفر أنه يكون مطالبا بجميع كفره على قول بعض الأصوليين، قال: وهو غلط لأنه صار بالإيمان كمن لم يكفر فلا يؤاخذ به بعد أن ارتفع حكمه.
الثانية: تجب التوبة من الصغائر كما تجب من الكبائر خلافا لأبي هاشم فإنه قال: لا تجب التوبة منها على من عرف أنه لا عقاب فيها، وإن كانت الصغيرة محرمة لأن التوبة إنما تجب من العقاب وهو محجوج بإجماع المسلمين على التوبة من الصغائر والكبائر ولم يحفظ الإمام في (الإرشاد) خلاف أبي هاشم في هذه المسألة، وتبعه تلميذه الأنصاري في شرحه فحكى الإجماع على وجوب التوبة من الصغائر

الصفحة 954