كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

وكان الشيخ السبكي يتردد في وجوب التوبة عيناً في الصغائر ويقول: لعل وقوعها تكفره الصلاة واجتناب الكبائر، يقتضي أن الواجب فيها أحد الأمرين من التوبة أو فعل ما يكفرها وبتقدير الوجوب فيحتمل أن لا يجب على الفور، بل حتى يمضي ما يكفرها، ويجتمع له في هذه المسألة احتمالات وجوب التوبة فيها عيناً على الفور كالكبيرة، وهو مذهب الأشعري، ووجوبها عيناً لكن لا على الفور بخلاف الكبيرة ووجوب أحد الأمرين التوبة أو فعل المكفر لها، وكان يرد الخلاف بين الأشعري وبين أبي هاشم إلى هذا، ويقول: ليس مراد الأشعري تعين التوبة بل محو الذنب إما التوبة النصوح أو فعل المكفرات لها، وقد خالفه ولده المصنف وقال: الذي أراه وجوب التوبة عيناً على الفور من كل ذنب، نعم إن فرض عدم التوبة عن الصغيرة، ثم جاءت المكفرات كفرت الصغيرتين وهما تلك الصغيرة وعدم التوبة.
الثالث: تصح التوبة عن ذنب مع الإصرار على ذنب آخر خلافاً للمعتزلة بناء على أصلهم التقبيح العقلي لأن الكل في القبح على حد سواء ورد بأن الإسلام توبة حقيقية ثم من أسلم وهو مقارف الكبائر لا يقال: لا يصح إسلامه، وأما قوله تعالى: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئاً} وقوله: {فمن يعمل

الصفحة 955