كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

الحديث. وما حكاه عن الجويني مدركه فيه أن ترك السنة أهون من ارتكاب البدعة، لكن الجمهور خالفوه، وقالوا: إنما ذلك عند التحقيق ولهذا لو شك أصلى ثلاثا أم أربعا فإنه يأتي برابعة مع احتمال الوقوع في منهي بالزيادة، وحكى ابن السمعاني في تاريخه أن رجلا رأى الشيخ أبا إسحاق الشيرازي يتوضأ على دجلة فغسل وجهه أكثر من ثلاث فأنكر عليه، فقال الشيخ: لو صحت لي الثلاث لم أزد، وقسم الشيخ أبو حامد الاسفراييني الشك إلى ثلاثة أضرب: شك طرأ على أصل حرام فلا يحل، مثل أن يجد شاة مذبوحة ببلد فيه مسلمون والمجوس كثير فإن الأصل في الحيوان التحريم حتى يتحقق الزكاة المبيحة، وشك طرأ على أصل مباح مثل أن يجد إناء متغيرا ويحتمل أن يكون بطول مكث وأن يكون بنجاسة، فالأصل الطهارة إلى أن يتبين خلافها، ثم إن استند إلى سبب ظاهر قدم على الأصل كمسألة بول الظبية في الماء إذا وجده متغيراً، وإن لم يستند إلى سبب ظاهر، فإن كان بعيدا جدا لم يكن له أثر في التحريم، بل يعمل بأصل الحل ولكن يندب الورع، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأجد التمرة ساقطة على فراشي فلولا أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها)).
فإن دخول الصدقة الواجبة إلى بيته صلى الله عليه وسلم

الصفحة 958